الجانب النظري للتقنيات التربوية
التقنيات التربوية
يقول (الصالح, 2003 ):
" تقنية التعليم في وجهها الشائع هي مجال بلا هوية، فلا أطر نظرية توجه ممارساته النظرية والتطبيقية، ولا حدود أكاديمية واضحة تحكم مناهجه وبرامجه لتؤدي دورها في بناء نظرية المعرفة (Epistemology) وتوليد النماذج التطبيقية. على المستوى المحلي، مثلاً، تقنية التعليم هي فرع من أقسام المناهج أو التربية تارة، أو قسم خدمات أو إدارة الأجهزة تارة أخرى، أو مركز للوسائل يقدم بعض القرارات الدراسية. باختصار (( بعضهم يعرف تقنية التعليم السلوكية، وبعضهم الآخر يؤكد على المنتجات التقنية، فيما يركز آخرون على مفهوم العملية. إن تقنية التعليم ليست معروفة في الأوساط التربوية، أو على الأقل ليست مفهومة بوضوح".
إن ما أورده صالح أعلاه ليس غريبا بل هو الواقع الذي يجده أي متصفح لأدبيات التقنيات التربوية. وان كان صالح قد خص القول بالعالم العربي والوسط المحلي(المملكة العربية السعودية ) إلا أن ذلك لا يعني اقتصار تلك الصفات على تلك الفئات فقط.
يقول (جيمس ماكنزي, 2004)( McKenzie ) (ملحق هـ)
في رد على رسالة موجهة له من الباحث عبر البريد الإلكتروني:أنا لا افقه كثيرا في المكونات الصلبة وتركيزي فقط على الأدبيات.
وكان مضمون السؤال الموجه من الباحث"ما الفرق بين التقنيات التربوية ومصادر التعلم والأدوات التعليمية والوسائل التعليمية ؟ وهل المكونات الصلبة تحتسب تقنيات تربوية؟"
ولو بحثنا في الإنترنت عن التقنيات التربوية لوجدنا عشرات الآلاف من الأبحاث والمقالات يتحدث اغلبها عن استخدام الكمبيوتر في التعليم وفي كثير من تلك المقالات يكون الحديث عن استخدام النظم في عملية التعليم.
ولعدم وضوح هوية التقنيات التربوية كثرت الاجتهادات بصددها وكثرت التعريفات المطلقة عليها وعرفها كل من وجهة نظره ومن خلال منطلقه الفكري وقليلا ما اخطأ هؤلاء الباحثين والعلماء ولكن قصورا بشريا حتميا أحاط معظم الأعمال التي اختصت بالتقنيات التربوية وما هذا القصور الا صفة عادية وطبيعية عند البشر فالكمال لله.
وفي الاجتماع الأول لقيادات التقنيات التربوية المنعقد في اوريجون, بورتلاند والذي اجتمع فيه ثمانية عشر خبيرا:
فيقول( بوني وآخرون, 1997)( Bonnie and others):
يقول(كينمان, 1997)( Kinnaman ) : أن تكنولوجيا التربية ليست ساكنة في ممارستها ولا في تعريفها؛ ولكنها متحركة فاعلة مفتوحة النهايات.وفي ذات الاجتماع:
يقول(كريسبين, 1997 )( Crispen )كنت لأعرف التقنيات التربوية وفق أهدافها, وماذا يمكنها أن تعمل. وعليه كان من الأفضل إطلاق اسم التكنولوجيا المستخدمة للتربية بدلا من تكنولوجيا التربية
تعريف التقنيات التربوية:
يفرق العلماء بين مسميات كثيرة عند تسطير ما يدور في خلدهم من لمحات فكرية بخصوص التقنيات؛ فتقول (سمنز,1997)(siemens ):
أن (جالبريث, 1967 ) Galbraith ) ) و(سكنر , 1968 )(Skinner )
و (سكنر, 1968 ) يعرفان التقنيات التربوية على أنها تطبيق النظم في المعلومات العلمية أو أي معلومات منظمة, في المواضيع العملية.
ويعدد (الكلوب, 1993 ,32 ) أربعة تعريفات لتكنولوجيا التربية وتعريفا واحدا للتقنيات التربوية, وستة عشر تعريفا لتكنولوجيا التعليم, وتعريفا واحدا للمنظومة ويخلص الكلوب إلى ان هناك ثلاثة مؤشرات للتكنولوجيا في هذا المجال:
أولا:أن تكنولوجيا التربية معنية بصناعة الإنسان, الإنسان المتعلم الواعي الفاعل و المتفاعل مع الحياة, متغيرا ومغيرا بها نحو الأفضل.
ثانيا:أن تكنولوجيا التعليم معنية بتحسين وتطوير عملية التعلم والتعليم, من خلال رفع مستوى المنهاج , وتحسين ظروف المعلم , وتحسين الطرق والأساليب , وزيادة قدرات المعلم والمتعلم على التفاعل مع العملية التعليمية.
ثالثا:أن الوسائل التعليمية التعلمية ممارسات فكرية وعملية تهدف تحسين عملية التدريس ورفع مستوى أداء المعلم وتوفير الجهد والوقت على المتعلم وزيادة قدراته على الإدراك والفهم
ويقول إن أكثر الآراء إثارة وأقربها واقعية وصف تكنولوجيا التربية والتعليم بأنها "طريقة في التفكير"
و يقول (السيد, 1997 ,19):
"أن هناك اتجاهات حديثة في تقنية التعليم ويعتبر تكنولوجيا التعليم وليدة لتقنيات التربية ويعرف تكنولوجيا التعليم :بأنها تحليل أساليب التعلم وطرقه وفنونه وتنظيمها ,بحيث ينتج عند استخدامها والانتفاع بها,بيئة تعليمية صالحة لإحداث تعلم أفضل" .
ويعود (السيد, مرجع سابق) فيعرفها مرة أخرى فيقول "هي تخطيط وتنفيذ العملية التعليمية وتوظيف كل الوسائل التعليمية وأجهزتها للحصول على تعليم أفضل أي توظيف العلم لتحسين فن التعليم".
ويقول السيد أيضا:أن التعليم المصغر والتعليم المبرمج والتعليم الذاتي وتفريد التدريس والتعليم بالآلات الحاسبة ومفهوم النظم عبارة عن مستجدات في عالم تكنولوجيا التعليم.
و يذكر (الحيلة, 1998 ,24 ):
أن هناك عدة مصطلحات حول التقنيات التربوية ويقول أن التقنيات التربوية المرادف للمصطلح الإنجليزي (تكنولوجيا التربية) عبارة عن مفهوم شامل لعدة مصطلحات هي:التقنيات في التربية وتقنيات التربية والتقنيات التعليمية .
تعرف( راي, 2002 ) (ray )
التقنيات التربوية على أنها التعليم المدعم بالكمبيوتر وهذه بدورها عبارة عن تقنية تعليم تفاعلية يستخدم فيها الحاسوب لتوفير مادة تعليمية, وأحداث التعلم , ويفرز المادة التعليمية المخصصة للتفريد.
ويقول (هنتر, 1998 )( Hunter)
قد يبدو للوهلة الأولي أن تعريف التقنيات التربوية سهلا وانه لا يزيد عن كونه التلفزيون أو السينما أو الفيديو ولكن الحقيقة أن التقنيات التربوية موضوعا مركبا وكأبسط تعريف لها"أن التقنيات التربوية عبارة عن تطبيق جميع أنواع العلوم على الجانب التربوي"
ويقول(كزرنياك وآخرون, 1999 )( Czerniak )
أن التقنيات التربوية عبارة عن استخدام اكبر كم من الأدوات التقنية في داخل الفصل لزيادة التعلم عند الطلبة.
وقد عرفت (جمعية الاتصالات التربوية والتقنيات, 1977)
( Association for educational communication and Technology)
أن التقنيات التربوية عبارة عن عملية معقدة متكاملة تتضمن الناس والطرق والأفكار والأجهزة والتنظيمات ؛ من اجل تحليل المشاكل وابتكار وتنفيذ وتقويم إدارة الحلول لتلك المشكلات التي تظهر في جميع حالات التعلم البشرية.
وتعرف (دائرة تعليم كولرادو, 2004 )( Colorado department of education) :
التقنيات التربوية عبارة عن استخدام الأدوات والنظم والبنى الأساسية لتحفيز قابلية الطلبة في تمثيل المعرفة واستخدام معلومات الاتصال في خلق المنتجات وحل المشكلات .
وفي بحث لكلية التربية بجامعة سدني الأسترالية :
يقول (ريتش وبري ,1997 )( Reich ,and Perry) :
التقنيات التربوية عبارة عن المعرفة والقيم والممارسات المتضمنة للاستخدام والتطوير لتلك الأدوات مثل قطعة الطباشير أو أرضية من الرمل أو غير ذلك مما يكون عبارة عن تقنيات في يد المتعلم.
إضافة لما سبق ارتأى البعض أن يكون مجال بحثه في تقنيات التعليم واعتبر البعض أن تقنيات التعليم مرادف للتقنيات التربوية واعتبر البعض الآخر أن تقنيات التعليم جزء والتقنيات التربوية كل كمثل ما فعل (الحيلة,مرجع سابق ).
تقول (كريستوفر ,1999 )( Christopher) :
تقنيات التعليم تعني معرفة كيف يتعلم الناس واكتشاف أفضل الطرق لتعليمهم .أنها الأشياء والأدوات والمكائن والأسلحة والأجهزة والتطبيقات .أنها تلك الأجهزة التقنية والابتكارات والفعاليات والطرق والمهارات والروتينيات والاجتماعيات والنظم التي تشمل توحيد الناس والأشياء أنها العملية التي تبدأ بالحاجة وتنتهي بالحل.
وتعرف(تشو , 2003 )( Cho) :
تكنولوجيا التعليم هي التطبيق العلمي والمنظم لاستراتيجيات وتقنيات من اجل مخرجات أفضل للعملية التعليمية التعلمية.
بالنظر لما تقدم من تناقضات وعدم وضوح التعريفات يرى الباحث أن التقنيات التربوية بحاجة لإعادة النظر والتدقيق في تعريفها ويعتقد الباحث أن منبع تلك التناقضات يعود لعدة أسباب:
السبب الأول:
أنه وبرغم أهمية التقنيات التربوية فإنها احدث الفروع التقنية زمنيا
السبب الثاني:
التقنيات التربوية علم مزدوج حيث أن التربية علم منتج للإنسان الصالح للعيش في البيئة بكل ما يمكن أن يحمل ذلك الإنسان من صفات جيدة إلا أن هذا الإنتاج غالبا ما يكون ذا علاقة جدلية مع باقي العلوم المنتجة من أمثال علوم الهندسة والطب والفيزياء والكيمياء والعلوم التطبيقية وغيرها.بمعنى أن المعلم قد يقوم بتعليم طريقة عمل السيارة برغم انه ليس هو من صممها أو أوجد طريقة عملها, وفي نفس الوقت من المؤكد أن المعلم قد قام بتعليم من قام بتصميمها .والمقصود أن التربويين عبارة عن مستخدمين للتقنيات أكثر من كونهم منتجين لها ومعرفة التربويون ترتكز بالدرجة الأولى على المنتِج لا على المنتَج.إما التقنيات فهي علم منتج للمادة وغالبا ما يكون تركيزه على المنتَج لا على المنتِج وعليه فان هناك تناقضا طبيعيا بين طبيعة التربية وطبيعة التقنيات والمزاوجة بين العلمين لا بد أن تؤخذ بكثير من الحذر والدقة, والتفسير الوحيد لتلك التناقضات في التعريف أن من يعرف هذا العلم الجديد يجب إن يحمل المعرفة بطبيعة العلمين الأساسيين علم التربية وعلم التقنيات ولكن الحاصل هو تعريف للتقنيات التربوية إما من وجهة نظر تربوية أو من وجهة نظر تقنية.
السبب الثالث:
تعدد الأسماء حيث نجد الخبراء يطلقون الأسماء في محاولة لتوضيح المعنى فنتجت أسماء مثل :التقنيات التربوية والتقنيات في التربية وتقنيات التعليم ومنحى النظم ومصادر التعلم والوسائط التعليمية ووسائل الاتصال التعليمية والوسائل التعليمية والوسائل المعينة والوسائل السمعية البصرية ووسائل وتكنولوجيا التعليم وتكنولوجيا الاتصال التربوي . وهذه الأسماء بدلا من التوضيح زادت الأمر تعقيدا وإبهاما .
السبب الرابع:
وهو اعتقاد لدى الباحث أن التقنيات التربوية يكثر فيها الجانب المادي أو ما يسمى بالمكونات الصلبة وهذه بدورها لها تكاليفها وأعباءها المادية وحيث أن موضوع التقنيات التربوية ما زال محصورا في كثير من الأحيان بين جدران الوزارات وإدارات التربية والتعليم في العالم فإن التعريف المرتبط بشدة بالمكونات الصلبة يعني تحمل تلك الوزارات والإدارات الأعباء المادية اللازمة لدعم ذلك الجانب من التربية.
وخلاصة القول أن تعريف التقنيات التربوية ليس بهذه الصعوبة ورب دراسة بسيطة لأصل المصطلح وجذوره التربوية تؤدي ببساطة لتعريف سهل وواضح لمعنى التقنيات التربوية.
نشوء مصطلح التقنيات التربوية:
لقد ظهر مصطلح التقنيات التربوية بشكل واضح بعد إنشاء الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة حيث تقول (اسروف و سكانلون, 2002)( Issroff, and Scanlon):
أن ذلك ظهر من خلال الخطاب الذي القاه(اللورد كروثر, 1969 ):
حيث قال:" إنّ العالمَ واقعُ في ثورة اتصالاتِ، وستتجاوز تأثيراتها تلك التي تسببت بهاْ الثورةِ الصناعيةِ قبل قرنين. بمقابل ذلك التقدّم العظيم الذي كَانَ باختراع المكائنِ لمُضَاعَفَة فعاليةِ عضلاتِ الرجالِ. نجد الآن التقدّم الجديد العظيم باختراع المكائنِ لمُضَاعَفَة فعاليةِ عقولِ الرجالِ. كانت الماكينة البخارية ثورة أولى، والحاسوب الآن ثورة ثانية. و قِيلَ أن إدمانَ الجامعةِ التقليديةِ على قاعةِ المحاضرات وأشير إلى عدمِ قابليته للتَعديل و للتطويرِ وهذا ظلمُ. لكن على الأقل لن يتواجد مثل هذا اللومِ عند افتتاح جامعةَ في ثورةِ الاتصالات. كُلّ شكل جديد مِنْ الاتصالات البشريةِ سَيَفْحصُ لرُؤية كَمْ هو قابل للتطبيقَ لرَفْع وتَوسيع مستوى الفَهْم الإنسانيِ. ليس هناك تقييد على التقنياتِ."
وقد كان الحاسوب في أقوال اللورد كروثر مجرد مثال على التقنيات الحديثة في ذلك الوقت.
تطور التقنيات التربوية:
لم يفتح التطور السريع للتقنيات التربوية طريقا معبدة مرصودة البداية مخططة النهاية وإنما تركها كالسفينة في مهب الريح تترنح بين أمواج البحث المتلاطمة.
وبالدراسة المستفيضة للتقنيات التربوية وتاريخها والأبحاث والمقالات المتعلقة بها يجد المتصفح لكل ذلك أن التقنيات التربوية مصطلح نبع من الجامعات وتسارعت الجامعات وكليات التربية وإعداد المعلمين إلى إنشاء مراكز التقنيات التربوية, مبهورة بما يستجد من تكنولوجيا وصناعات يمكن تسخيرها في داخل الغرف الصفية وأروقة العلم.
ويقول دكتور من (سنذكره في النسخة القادمة) جامعة ولاية كاليفورنيا عن تطور التقنيات التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية:
إن التقنيات التربوية يمكن أن يعود تصميمها لذلك الزمن الذي خط فيه الرهبان كتاباتهم لينقلوا المعرفة, وكلما كانت الثقافة اكثر تقدما كانت التقنيات التربوية اكثر تعقيدا.ومن الملاحظ أن هناك الكثير من عدم الاتفاق في النظريات في حقل التقنيات التربوية. ويضيف فد أن هناك من يرى أن تاريخ التقنيات التربوية يعود لتلك الفترة التي كان يستخدم فيها الفانوس السحري في التعليم والذي عرف في ذلك الوقت بالتعليم البصري.وبعد ذلك طور ادجاردل نموذجه لهرم الخبرات وتلاه السلوكيين بزعامة واطسن وسكنر .وبرع ثروندايك في استخدام التقنيات ويعد الأب الروحي للتقنيات التربوية.
يقول (وانج, 2001 )( Wang) من جامعة بنسلفانيا عن تطور التقنيات التربوية في الصين الشعبية
ان التقنيات التربوية هي ما تعرف أحيانا بتقنيات التعليم أو النظم التعليمية وتقنيات التعليم هي النظرية والتطبيق للتصميم والتطوير والإفادة والإدارة وتقويم العملية ومصادر التعلم.وان التقنيات التربوية في الصين بدأت مع استخدام الأفلام والفونجراف في سنين العشرينات, وقد استخدم في ذلك الوقت مصطلح (التربية المكهربة) والذي كان المقصود منه أدوات كهربائية تستخدم في العملية التربوية. ومع نهاية السبعينيات ظهر مصطلح(التربية السمعية البصرية) وهذا المصطلح بدوره استبدل (التربية المكهربة) وكانت تلك التربية لدى الناس معروفة بالتربية الحديثة أو العصرية.ومع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات بدأ تطبيق استخدام الحاسوب في التربية وأصبح مصطلح التربية السمعية البصرية مصطلح قديم أكل عليه الدهر وشرب.
لقد دخل مصطلح التقنيات التربوية إلى التربية من أوسع الأبواب ولكنه مبهما, والحقيقة انه لم يتواجد في الصين تعريفا للتقنيات التربوية حتى نهاية السبعينيات, وفقط ظهر أول تعريف لها في العام (1984) ومع بداية التسعينيات بدأ المصطلح في الصين يأخذ مكانه على أن(التقنيات التربوية تحوي بين طياتها التصميم والتطوير والتقويم لاستخدام التقنيات العصرية لتحسين التعليم والتعلم.
ومع نهاية التسعينيات والتقدم التقني في الصين أصبح هناك ما يسمى بالتعليم المدعوم بالحاسوب
و التربية بالأقمار الصناعية ( satellite education ) والذي بدا بدوره يأخذ البريق من التقنيات التربوية أو على الأقل بدأت في تغيير مفهومها.
ويقول بيرج(1992) من جامعة سيول العالمية عن تطور التقنيات في كوريا:
ان التقنيات التربوية في مرحلة النمو وقد بدأت في كوريا في العام (105 م) مع بداية ظهور الورق في الصين وتطورت بظهور الطباعة بالخشب في (706م) ومن ثم تطورت بطباعة الصور على الكتب باستخدام الطباعة بالخشب في العام (1007م) وفي
(1234م) بدأت الطباعة بالمعدن وفي (1409م ) بدأت الكتابة بالكلمات الصينية وفي (1520م) بداية الكتابة باللغة الكورية والترجمة ومع نهاية العام (1992م) كان هناك 3 مليون حاسوب شخصي في كوريا أي ما معدله 7.1 شخص لديه حاسوب من كل مائة شخص.
ويقول (مد ,2001)( Med) :
إن التقنيات التربوية تاريخيا ليست الكمبيوتر والإنترنت وإنما هي التلفزيون والمذياع وجهاز العرض فوق الراسي واللوحة البيضاء وإذا كان الاهتمام قد توجه نحو الحاسوب فإن السبب في ذلك أن للحاسوب مجالا أوسع للتخاطب والمحاورة مع الطالب.
وفي دولة قطر تذكر(وزارة التربية والتعليم القطرية, 2004 ) عن طبيعة التقنيات التربوية في الدولة وتاريخ بداية إنشاء الإدارة العامة للتقنيات التربوية فتقول:
" إيماناً من دولة قطر بأهمية التقنيات في العملية التعليمية التعلمية، قامت وزارة التربية والتعليم بإنشاء إدارة التقنيات التربوية في العام الدراسي83/1984م لتكون مركزاً حيوياً لتحديث التعليم ومواكبة التطور العلمي التكنولوجي من خلال ما تنتجه وتوفره للميدان التربوي من أجهزة وأدوات ، وتجهيز المختبرات المدرسية والإشراف عليها." وتتكون إدارة التقنيات من ثلاثة أقسام وهي : قسم الوسائل التعليمية , والمختبر المركزي ,و قسم التصوير والإنتاج الفني.
وفي دولة الكويت تذكر (وزارة التربية والتعليم الكويتية ,2004 ) :
إن الإدارة العامة للتقنيات التربوية كانت موجودة منذ العام 1958 وقدت قمت بتدريب المعلمين منذ ذلك الوقت على التقنيات التربوية وهي كما تقول الوزارة تتمثل التقنيات في الأجهزة والأدوات وتضيف ان التقنيات التربوية قد تطورت بمساهمة دولة الكويت ودعواتها لإنشاء جهاز إقليمي للتقنيات التربوية حيث أقر وزراء التربية العرب في اجتماعهم بالكويت عام1975 أنشاء "المركز العربي للتقنيات التربوية " والذي تشرف عليه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ويخدم كافة الدول العربية وتستضيفه دولة الكويت .
وفي المملكة العربية السعودية تذكر (وزارة التربية والتعليم السعودية,2003 ) عن تطور التقنيات التربوية في المملكة العربية السعودية
"أصبحت الوسائل التعليمية أساسية في التعليم، وهي مرتبطة بالمناهج ارتباطاً وثيقاً، ولذا أنشأت شئون تعليم البنات بوزارة المعارف إدارة خاصة بذلك من عام 1385هـ الموافق 1965م بمسمى (إدارة الوسائل). وتطورت إدارة الوسائل التعليمية مع تطور التعليم، وتوسعه ، وتطور المناهج والمقررات الدراسية، حتى انتهى هذا التطور إلى تعديل مسماها وأهدافها وأصبحت إدارة عامة باسم (الإدارة العامة لتقنيات التعليم).وأصبح هدف الإدارة العامة لتقينات التعليم : دراسة وتصميم وإنتاج مختلف الوسائل الإيضاحية، وتحديد المواصفات الفنية والتصاميم المناسبة للأجهزة السمعية والبصرية، والأجهزة والأدوات المخبرية، والخرائط والمصورات. والقيام بالدراسات الخاصة باستخدام تقنيات التعليم المختلفة، وإصدار الأدلة والكتيبات والنشرات الإرشادية في مجال التقنيات واستخدامها، وإنتاج عدد من الوسائل كالخرائط والمصورات والتسجيلات المختلفة."
وفي فلسطين وبعد تسلم السلطة الوطنية الفلسطينية، مهام التعليم في فلسطين عام 1994، تشكلت وزارة التربية والتعليم العالي، وفي عام 1996 تم إنشاء أول صرح من صروح التقنيات التربوية وهو مركز الوسائل التعليمية بمديرية تربية وتعليم خان يونس وقد أقيم بمبادرة الدكتور عبدا لله عبد المنعم وكيل الوزارة المساعد في ذلك الحين وكان المركز وقد كانت أولى أولويات المركز توفير الأدوات والوسائل التعليمية عن طريق الإنتاج المحلي في داخل المركز.وفي نفس العام 1996 تم افتتاح مركز آخر للوسائل التعليمية وذلك بعد نجاح المركز الأول في مديرية تعليم خان يونس ,ومع نهاية العام 1996 تم إنشاء الإدارة العامة للتقنيات التربوية وتم بناء عليها تغيير أسماء مراكز الوسائل التعليمية إلى أقسام التقنيات التربوية.وألحق بكل مديرية تربية من المديريات السبعة عشر(17) وهي مقسمة إلى 13 في محافظات شمال فلسطين(الضفة الغربية) و4 لمحافظات الجنوب(قطاع غزة) وفي العام 1997 تم افتتاح مركز ثالث لإنتاج الوسائل التعليمية وهو مركز مديرية تربية الخليل.
وفي الوقت الحالي أصبح للإدارة العامة للتقنيات في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أهدافها الواضحة وهي كما تذكر( الإدارة العامة للتقنيات, 2004 ):
تتمثل في "المساهمة في تطوير وتحسين عملية التعلم والتعليم من خلال استخدام وسائل الاتصال الحديثة وتوفير الأجهزة التعليمية وإنتاج البرامج والمواد التعليمية وتطوير استخدامها وتقديم المشورة الفنية بخصوص ذلك ووضع الميزانيات الخاصة بذلك.
وأصبحت الإدارة العامة تتكون من ثلاث دوائر، هي: - دائرة المصادر التعليمية - دائرة المكتبات والمختبرات.
- دائرة الحاسوب التربوي
تعليق على تطور التقنيات
مما سبق من نماذج تطور التقنيات التربوية في بلاد العالم إدراك بعض الملاحظات وهي كما يلي:
أن التقنيات التربوية في كل النماذج سالفة الذكر قد ابتدأت بالوسائل التعليمية
أن التقنيات التربوية في جميع النماذج سالفة الذكر قد انتهت حاليا بالحاسوب
أن عملية الانتقال من مصطلح الوسائل التعليمية إلى التقنيات التربوية تمت في جميع النماذج بطريقة مبهمة وغير واضحة رغم وجود السرد التاريخي لذلك الانتقال.
هدفت جميع الدول سابقة الذكر بإنشائها لإدارات التقنيات التربوية إلى إيجاد سبيل لربط التربية والتعليم بما استجد من متغيرات وتطور في التقنيات
لا يوجد فروق كبيرة بين النماذج رغم وجود الفروق الفكرية والعرقية والزمانية والمكانية والاقتصادية بين الدول المذكورة.
وعليه يمكن الاستنتاج أن الوسائل التعليمية لم تندثر من الساحة التربوية وإنما كانت بمثابة الأم التي تمخضت لتلد التقنيات التربوية ولكن للتقنيات التربوية لفتت الأنظار نحوها على حساب الوسائل التعليمية ونجد انه منذ الستينيات تحاول القيادات التربوية- في سياق كتابة الأدب التربوي- إيجاد تعريف للتقنيات التربوية بعيدا عن الوسائل التعليمية وإن ظهر مصطلح الوسائل التعليمية في إحداها نجده يظهر خجولا متواريا خلف مصطلح آخر كالاتصال والنظم والتقنيات.
الأدب التربوي ما بين الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية:
كما ظهر واضحا في الأبحاث والمقالات السابقة فإن هناك خلطا واضحا وصورة مشوشة عند الحديث عن التقنيات التربوية والوسائل التعليمية ويتضح أن هناك غموضا ما يسبب ذلك الخلط والصورة المشوشة.
وربما تتضح الصورة أكثر باستعراض تاريخي لبعض الأدبيات التي وقعت عليها يد الباحث والتي تتحدث عن التقنيات التربوية والوسائل التعليمية.
يقول (كاظم وزكي, 1973 :293 )
" يستخدم في تدريس العلوم وسائل وأساليب متعددة ومتنوعة ومن هذه الوسائل ما نشير إليها باسم الوسائل السمعية والبصرية. وتشمل هذه الوسائل مجموعة من المواد والأدوات التي لا تعتمد على استخدام الألفاظ وحدها.وإنما تعتمد على استخدام الخبرات الحسية المباشرة وغير المباشرة والتي تعتمد على استخدام الحواس المختلفة من بصر وسمع ولمس وشم وذوق.
ويقول (عبد الدائم, 1981 :7 ) :
" إن الثورة التكنولوجية تنقل الإنسان من مرحلة الإنتاج للمرحلة السابقة على الإنتاج وهي البحث والخلق والتنظيم, وهي ليست مجرد آلات وأجهزة تكنولوجية ننقلها وإنما هي عقلية جديدة وتقنيات جديدة.وقد أدركت الدول المتقدمة أن التربية عندها ما تزال متخلفة عن ركب التطور وأنها تعيش في أجواء الثورة الصناعية الأولي ومن هنا جهدت لتوليد نظم تربوية جديدة ولإحداث ثورة تكنولوجية في التربية تتفق وأغراض الثورة العلمية والتكنولوجية عامة. وقد قادها ذلك إلى أن تعيد النظر إعادة جذرية في بنية التربية وإطارها التقليدي ومناهجها وطرائقها وإدارتها لا سيما بعد انتشار وسائل البث الجماعية والتقنيات السمعية البصرية ومع ذلك لا تزال التربية مثقلة بإرثها التقليدي عاجزة عن مجاراة الركب."
ويقول( الطوبجي ,1981 :23 )
قدمت وسائل الاتصال المختلفة إمكانيات عظيمة في مجالات التربية. وقد دخلت هذه الوسائل المختلفة في مجالات التربية والتعليم تحت أسماء كثيرة فعرفت أول الأمر باسم الوسائل المعينة, أو معينات التدريس, أو الوسائل السمعية والبصرية واستعان بها المدرسون في تدريسهم بدرجات متفاوتة.
ويضيف الطوبجي "أن الوسائل التعليمية ما زالت رغم التقدم العلمي والتكنولوجي في وسائل الاتصال التعليمي لا تنال الاهتمام اللازم من رجال التربية, فهي ما زالت – في الحقيقة – تأتي في المركز التالي لأساليب التدريس التقليدية كالإلقاء والشرح اللفظي.وبعد ذلك جاءت مرحلة وسائل الاتصال واصبح هناك عملية اتصال والوسائل التعليمية جزءا متكاملا مع عناصر عملية الاتصال وكان لظهور وانتشار وسائل الاتصال الجماهيرية كالإذاعة والتلفزيون اثر كبير في اتساع مجال الاتصال. ولا تكمن أهمية الوسائل التعليمية في الوسائل بحد ذاتها ولكن فيما تحققه من أهداف سلوكية محددة ضمن نظام متكامل يضعه المدرس لتحقيق أهداف الدرس يأخذ بعين الاعتبار معايير اختيار الوسيلة التعليمية أو إنتاجها وطرق استخدامها ومواصفات المكان الذي ستستخدم فيه ونواتج البحوث العلمية وغير ذلك من العوامل التي تؤثر في تحقيق أهداف الدرس أو بمعنى آخر يقوم المدرس باتباع أسلوب الأنظمة فتكون الوسائل التعليمية عنصرا من عناصر نظام شامل لتحقيق أهداف الدرس وحل المشكلات وهذا ما يحققه مفهوم "تكنولوجيا التعليم "
يقول (احمد, ويس ,1983 :179 )
"يتوقف جودة التدريس وفاعلية التعلم على عوامل كثيرة منها الوسائل التعليمية التي يستخدمها كل من المدرس والتلميذ. وقديما كانت المدرسة تعتمد اعتمادا كبيرا على الألفاظ والكلمات وكان الكتاب المدرسي في الكثير من الحالات يعتبر الأداة الرئيسية في عمليتي التعليم والتعلم أما الآن فانه يوجد عددا كبيرا من الوسائل التعليمية التي يمكن استخدامها للأغراض التعليمية المختلفة.
والوسائل التعليمية تعرف بأنها مجموعة من المواد والأدوات التي يستخدمها كل من المدرس والتلاميذ لتحقيق الأهداف التعليمية.
ويقول(حمدان, 1986:20):
إن المربين قد اختلفوا في تسمياتهم للوسائل المستخدمة في التعليم, وقد نبع هذا الاختلاف من مبدأين:
أولا:طبيعتها المتنوعة
ثانيا:دورها المقترح في العملية التربوية
ويقول حمدان أنها سميت الوسائل السمعية البصرية, والمعينات التربوية, ووسائل الإيضاح, وتكنولوجيا التعليم أو التدريس, والوسائل الاختيارية (الإغنائية) والوسائل المعيارية والوسيطة, ووسائل وتكنولوجيا التعليم.
يقول ( منصور, 1986 :35 ):
" نظرا للتقدم التكنولوجي الذي شمل المجال التربوي سواء في المواد التعليمية أو التخصصات التفريعية لها, وطرق وأساليب تدريسها, والهدف العام من العملية التربوية, فقد مرت الوسائل التعليمية بتسميات مختلفة إلى أن أصبحت علما له مدلوله وتفريعاته وأهدافه وهو تكنولوجيا التعليم, تقسم التسميات إلي أربع مراحل وهي:
المرحلة الأولى وفقا للحواس:الوسائل السمعية والوسائل البصرية والوسائل السمعية البصرية
المرحلة الثانية: اعتبارها معينات التدريس يستعان بها وليست أساسية
المرحلة الثالثة:وسائل اتصال مرسل ومستقبل والوسيلة أداة اتصال
المرحلة الرابعة التقنيات التربوية وفق أسلوب النظم"
و يقول( نظام ,1987 : 185 )
أن اجتماعا لليونسكو نظم لخبراء التقنيات التربوية في العالم سنة 1972 وقد كان من ابرز ما تم التأكيد عليه أن مفهوم كلمة تقنيات ليس آلات و معدات وإنما المقصود بالتقنيات التربوية أن هناك ورشة إنسانية تدعى التربية. الوسائل القديمة كاللوح الأسود والطبشورة عبارة عن تقنيات ولكن ما يميز التقنيات التربوية حديثا عن التقنيات التربوية قديما ليس استخدام التلفزيون والفيديو والحاسوب بل الاعتراف بأن الغاية النهائية هي تعلم التلميذ. والوسائل والمناهج البرمجة المستعملة في التعليم هي جزء من التقنيات التربوية ومن الخطأ الاعتقاد أن آلات التعلم هي كل ما التقنيات التربوية.
ويقول (الكلوب, مرجع سابق ) :
"قبل الأخذ بمفهوم تقنيات التعليم مرت الوسائل بتسميات متعدد ارتبطت بتطور نظريات التعليم المختلفة وبطرق وأساليب التدريس المتبعة على مر العصور"
ويقول إن هذه المراحل بدأت برغبة المدرس في تحسين عملية التعليم والتعلم وقد كان الاستخدام عشوائيا ارتجاليا بوسائل بدائية وتطورت التسميات فكانت كما يلي:
وسائل سمعية بصرية:ارتبطت بالحواس
وسائل معينة:ارتبطت باجتهادات المدارس الخاصة
وسائل تعليمية تعلمية: ارتبطت بالموقف التعليمي وطرق وأساليب التدريس
وسائل الاتصال التعليمية:ارتبطت بنظرية الاتصال وأدواتها
التقنيات التعليمية:ارتبطت بنظرية النظم وتصميم عملية التعلم
ويضيف الكلوب أن مسمى التقنيات التربوية هو احدث ما توصل أليه علماء التربية في هذا العصر حيث انتقل الاهتمام من الوسائل التعليمية كأجهزة ومواد للاهتمام بجوهر العملية التعليمية وما يجب أن تحققه من أهداف سلوكية في ظل نظام متكامل مرتبط بأسس علم النفس التربوي وبمصادر التعلم مع التركيز على ميول المتعلم ودوافعه واتجاهاته.
ويقول (السيد ,1997 : 19 ):
"حتى نحصل على المعلم الذي ننشد لا بد أن ننير عقله على كل ما استجد في علم التربية وتقنياتها (تكنولوجيا التعليم ), ولقد عرفت تكنولوجيا التعليم على أنها تحليل أساليب التعلم وطرقه وفنونه وتنظيمها ,بحيث ينتج عند استخدامها والانتفاع بها بيئة تعليمية صالحة لأحداث تعلم أفضل .
ويتجاوز مصطلح تكنولوجيا التعليم الوسائل والأجهزة والبرامج التعليمية ومختبرات اللغة وغيرها . ليشمل تخطيط العملية التعليمية وتوظيف كل الوسائل التعليمية وأجهزتها للحصول على تعليم أفضل أي توظيف العلم لتحسين فن التعليم. ويقول (السيد) أن تكنولوجيا التعليم علم ولكل علم جديد ومن الجديد في تكنولوجيا التعليم :التعليم المصغر, والتعليم المبرمج , والتعليم الذاتي , وتفريد التدريس , والتعليم بالآلات الحاسبة , ومنهج النظم.
ويضيف(السيد:23 ) "طالما أن هذا الكتاب متخصص في الوسائل التعليمية وتقنية التعليم.وليس لتحليل النظم التربوية . فمن غير الضروري تفصيل مدخل النظم كأسلوب تعليمي.بمقدار تقديمه كطريقة مقترحة لإعداد درس في الوسائل وفقا لمفهوم النظم "
ويقول (محمود , 1998 :8 )
لقد عالجت أدبيات التربية والتعليم , موضوع الوسائل التعليمية تحت عناوين ومسميات عديدة منها:
1. الوسائل المعينة
2. وسائل الإيضاح
3. الوسائل التعليمية
4. معينات التدريس
5. الوسائل السمعية البصرية
6. التقنيات التربوية
7. تكنولوجيا التعليم
8. الوسائل الاختبارية (الإغنائية ) الأساسية
9. الوسائل المعيارية والوسيطة
ومهما تعددت وتباينت المسميات فان ما يقصد بالوسائل التعليمية هو أنها مجموعة الأجهزة والأدوات والمواد التي يستخدمها المدرس لتحسين عملية التعليم والتعلم وتقصير مدتها وتوضيح المعاني أو شرح الأفكار أو تدريب التلاميذ على المهارات أو تعويدهم على العادات أو تنمية الاتجاهات أو غرس القيم فيهم دون أن يعتمد المدرس أساسا على الألفاظ والرموز والأرقام.
يذكر (الحيلة, مرجع سابق:29 -35 )
إن جذور التقنيات التربوية تعود إلى عصور القدماء وخصوصا للسفسطائيين الذين حللوا طرق التدريس وصاغوا الفرضيات الناتجة عن التحليل كما يفعل الباحثون اليوم وهم تاريخيا أسلاف التقنيات التربوية ومرت التقنيات التربوية بمراحل بدأت في العشرينات من القرن العشرين وهذه المراحل هي:
حركة التعليم البصري
وحركة التعليم السمعي – بصري
وحركة الاتصالات
والمفاهيم المبكرة للنظم
ويضيف (الحيلة, مرجع سابق:57)
إن النظرة إلي الوسائل التعليمية بأنها الأدوات المستخدمة داخل الفصل هي نظرة قاصرة لا تناسب روح العصر. والتصور القاصر لمفهوم التقنيات جعلها تدور في دائرة ضيقة.
"وأهمية الوسائل التعليمية لا تكمن في الوسائل في حد ذاتها ولكن فيما تحققه هذه الوسائل من أهداف سلوكية محددة ضمن أسلوب متكامل يضعه المعلم أو المدرب لتحقيق أهداف الدرس النظري أو الحصة المختبرية ويأخذ بعين الاعتبار معايير اختيار الوسيلة وإنتاجها وطرق استخدامها وتوظيفها ومواصفات المكان الذي تستخدم فيه ونتائج البحوث العلمية حولها وغير ذلك من العوامل التي تؤثر في تحقيق أهداف الدرس النظري أو العملي وهذا ما يحققه مفهوم التقنيات التعليمية."
ويقول (الحيلة, 1999: 17 –18 ):
"إن التقنيات التعليمية تطوير واستخدام الأنظمة والأساليب والوسائل التعليمية من اجل تحسين عملية التعلم والتعليم البشري ويشير هذا المفهوم إلى التفاعل البناء بين الوسائل الجديدة والعناصر الأخرى في النظرية التربوية بعامة وتقنيات التعليم بخاصة في وقتنا الحاضر, تعتمد إلى حد كبير على الوسائل التعليمية الحديثة ونظريات التعلم وأساليب الاتصال الحديثة ووسائلها وهذا الأمر لا يتم بطبيعة الحال باستخدام المعدلات والأساليب الجديدة فحسب بل عن طريق بناء التنسيق وإجرائه فيما بينها لخدمة أنماط وأنظمة التعليم الجديدة.
ونستخلص مما سبق أن هناك إشارات قليلة نسبيا إلى الأجهزة والمعدات وما يرافق ذلك من جوانب تتعلق بالمعلومات والبرامج."
يقول (عسقول, 2003: 1 )76 " ظهرت تسميات كثيرة للوسائل, منها ما ارتبط بنظرة علمية ومنها ما استمزجه المتخصصون والمؤلفون في هذا المجال, ومن هذه التسميات: الوسائل السمعية والبصرية, ووسائل الإيضاح, والوسائط التعليمية, والوسائل التعليمية, والمعينات في التدريس, ووسائل الاتصال, وتكنولوجيا التعليم, وتقنيات التعليم, وتكنولوجيا التربية.
تعليق على الأدب التربوي بين الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية:
إن الدارس لما سطر الباحثون والمؤلفون أعلاه يمكنه تمييز الكثير من المفارقات والملابسات وبدراسة كل مما سبق بنوع من الاستقلالية يمكن ملاحظة ما يلي:
يقول كاظم وزكي:أن هناك وسائل تستخدم في التعليم ثم عرفا الوسائل بالوسائل السمعية والبصرية؛ ولا ضير في تبني اسم ما للوسائل التعليمية ولكن بعد إطلاق هذا الاسم نجد الكاتبين يذكران أن هذه الوسائل المقتصرة على السمع والبصر سوف " تعتمد على استخدام الخبرات الحسية المباشرة وغير المباشرة والتي تعتمد على استخدام الحواس المختلفة من بصر وسمع ولمس وشم وذوق. وبهذا نجد أن الكاتبين كانا غير موفقين في تبني اسم الوسائل السمعية والبصرية وربما كان اسم الوسائل التعليمية اكثر تعبيرا في تلك الحالة. وأغلب الظن أن هذا الاسم كان شائعا في تلك الفترة من الزمن والتي كتب في الكاتبان كتابهما حيث كانت صرعة التلفزيون والسينما وأجهزة العرض والتسجيلات الصوتية.
ويقوم (عبد الدائم) بوصف دقيق للتقنيات وماهيتها ويذكرها باسم (التكنولوجيا) ويصف تاريخيا كيفية تأثر التربية بما استجد حولها من علوم إلا انه يعزو معظم الأهمية لانتشار وسائل البث الجماعية والتقنيات السمعية البصرية وكأن تلك الأشياء فاقت في أهميتها ما استجد على الساحة العالمية من تقنيات الطيران والقوة النووية وعلوم الليزر وعلوم الفضاء وغيرها من مستجدات القرن العشرين.ولم يوضح عبد الدائم إن كانت وسائل البث الجماعية وغيرها مما ذكر تقنيات تربوية أم وسائل تعليمية أم أي اسم آخر وتركها مجرد أدوات دون إلصاقها بأي مسمى مما درج عليه التربويون في موضوع التقنيات والوسائل التعليمية.
أما (الطوبجي) فيبدو واضحا تبنيه لفكرة وسائل الاتصال التعليمية ودفاعه عن الاسم إلا أن المدقق في أقوال الأستاذ الطوبجي يجد مصطلح وسائل الاتصال التعليمية ملازم لمصطلح الوسائل التعليمية, يلاحظ أن المصطلحين يقدمان ككلمات مترادفة لنفس المعنى تارة, ويقدمان على إنهما متغيران أحدهما مستقل والآخر تابع تارة أخرى, ويقدما على أن أحدهما جزء والآخر كل مرة ثالثة.
ولا يمكن الجزم بأن تعريف الوسائل التعليمية ووسائل الاتصال التعليمية كان واضحا لدى الأستاذ (الطوبجي) أو انه أظهر فروقا دقيقة بين المقصود بالوسائل التعليمية والمقصود بوسائل الاتصال التعليمية.
ويتضح أن (احمد ويس) قد استخدما مصطلح الوسائل التعليمية دون أدنى ذكر لأي اسم آخر ولم يتعرضا للأسماء الموجودة في الفترة التي خطا فيها كتابهما مثل(وسائل الاتصال والتقنيات والنظم ) ويمكن ويتضح أيضا أن مفهوم الوسائل التعليمية لديهما لا يزيد عن كونها أدوات ولم يتعرضا لطريقة التدريس المطلوبة لاستخدامها أو دور المعلم في استخدامها أو العناصر البشرية التي تقوم بإعدادها وتصميمها.بمعنى آخر إن الوسائل التعليمية قد تم تحجيمها وقوقعتها لتقع بين أقواس الأدوات.
ويرى الباحث أن منصور كان موفقا في شرح ظهور مصطلح التقنيات التربوية والانسلاخات
التطورية التي مرت بمصطلح الوسائل التعليمية حتى الوصول للتقنيات التربوية حيث ذكر (منصور) أن الوسائل التعليمية علما كان بسيطا وتطور بخطى حثيثة بسبب الثورة التكنولوجية.
وقد وفق (نظام) في سرد ما أسفر عنه اجتماع خبراء التقنيات إلا أن قوله- بان التقنيات التربوية حديثا تختلف عن التقنيات التربوية قديما بأن هدفها النهائي هو تعلم التلميذ – يشوبه الشك حيث يلمح (نظام) أن للتقنيات التربوية أهدافا غير تعليم التلاميذ في قديم الزمان. ويعتقد الباحث أن من أوجد التقنيات التربوية حديثا أو قديما هو شخص حريص على تعلم التلاميذ ولم يقم باستخدامها من باب الرفاهية والترف.
أما (الكلوب) فإنه يسرد التطور التاريخي للوسائل التعليمية حتى انتقالها لاسم التقنيات التربوية وذلك بطريقة يتفق فيها مع (نظام)إلا أنه يضيف أن مراحل التطور بدأت برغبة المدرس في تحسين عملية التعليم والتعلم ولا يعزو ذلك للتقنيات في العصر الحديث فقط كما أسلف (نظام)
وبالنسبة لما ذكر الكلوب من عشوائية استخدام الوسائل التعليمية وارتجالية ذلك الاستخدام فإن الباحث يعتقد أن هناك قسوة في ذلك الحكم والاعتقاد أن دخول الوسيلة التعليمية لغرفة الفصل لا يمكن إلا أن يكون مدروسا فهي مهما بعدت أو قربت تمثل جزءا من المنهاج الدراسي.
أما السيد فيذكر أن التربية وتقنياتها هي (تكنولوجيا التعليم ) بمعنى أن التربية والتعليم كلمتان لهما نفس الدلالة اللفظية, ويعتقد الباحث أن تكنولوجيا التعليم مصطلح لا يساوي التقنيات التربوية فالتربية اشمل من التعليم. وفي نفس الوقت الذي يعرف فيه السيد تكنولوجيا التعليم على أنها تحليل أساليب التعلم وطرقه وفنونه وتنظيمها ,بحيث ينتج عند استخدامها والانتفاع بها بيئة تعليمية صالحة لأحداث تعلم أفضل . حيث يكون في هذا التعريف ابعد ما يكون عن ذكر الوسائل التعليمية والأدوات؛ يعود السيد ويجعل الوسائل التعليمية والأدوات ذلك الأصل القاصر أمام التطور والذي تعطيه تكنولوجيا التعليم الامتداد والسعة ليشمل تخطيط العملية التعليمية وتوظيف كل الوسائل التعليمية وأجهزتها للحصول على تعليم افضل أي توظيف العلم لتحسين فن التعليم. ويقول (السيد) أن تكنولوجيا التعليم علم ولكل علم جديد ومن الجديد في تكنولوجيا التعليم:التعليم المصغر, والتعليم المبرمج, والتعليم الذاتي, وتفريد التدريس, والتعليم بالآلات الحاسبة, ومنهج النظم. ويعود فيقرن الوسائل التعليمية بالتقنيات التربوية ثم يبتعد باسم التقنيات عن منهج النظم وتحليل النظم الذي ذكره في البداية مما يحدو للشك في مدى دقة التعريفات, بالإضافة لعدم ذكر السيد لسبب ربط المستجدات من أمثال (التعليم المصغر وغيره) بتكنولوجيا التعليم مع العلم انه يعرفها على أنها أساليب تدريس.
ويعدد محمود الأسماء التي أطلقت على الوسائل التعليمية ويذكر أن التقنيات التربوية لا تزيد عن كونها مرادف للوسائل التعليمية وإن كان الباحث يجد بعض الصحة في أقوال محمود إلا انه يخالفه في التعريف المحدود الذي أطلقه على الوسائل التعليمية حيث قصر الوسائل التعليمية على الأدوات والأجهزة في حين يجب الاعتراف بأن تلك الأدوات والأجهزة داخل منظومة من المعلومات والموارد البشرية والمخططات والطرق والأساليب ولا يمكن أن تكون قائمة بذاتها.
ويعترض الحيلة على التعريف الذي يحدد الوسائل التعليمية بالأدوات والأجهزة, وبعد ذلك يتوقف عن الحديث عن الوسائل التعليمية وينتقل لمصطلح آخر فيقول ". والتصور القاصر لمفهوم التقنيات جعلها تدور في دائرة ضيقة " وبهذا جعل التقنيات التربوية مرادفا للوسائل التعليمية ولا يبدو واضحا في كتابات الحيلة انه يقصد ذلك بالفعل. ثم يعود الحيلة مرة ثانية للوسائل باعتباره يتحدث عنها ويعرفها ضمن مفهوم النظم وان أهمية الوسائل التعليمية تكمن فيما تحققه من أهداف سلوكية محددة ضمن أسلوب متكامل يضعه المعلم أو المدرب لتحقيق أهداف الدرس النظري أو الحصة المختبرية ويأخذ بعين الاعتبار معايير اختيار الوسيلة وإنتاجها وطرق استخدامها وتوظيفها ومواصفات المكان الذي تستخدم فيه ونتائج البحوث العلمية حولها وغير ذلك من العوامل التي تؤثر في تحقيق أهداف الدرس النظري أو العملي. ويعود الحيلة مرة أخرى فيقول " وهذا ما يحققه مفهوم التقنيات التعليمية " وعليه يصبح القارئ مشتتا فيما يرغب الحيلة في توصيله من مفاهيم؛ ولا يمكن التحقق مما يقصده الكاتب من استخدام مصطلحي (الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية )في آن واحد.
ويعود الحيلة في كتاب آخر فيخلط مفهوم التقنيات بالوسائل التعليمية والأجهزة والأدوات والنظم والأهداف بنظرية الاتصال؛ إلا انه في نهاية حديثة يفكك تلك الخلطة بحيث لا يستطيع الدارس للمقولة أعلاه الفصل أو الوصل بين المفاهيم. وربما للدكتور الحيلة عذره وذلك لان كل تلك المصطلحات والمفاهيم تتشابه وربما كان لها نفس المعنى إلا أن كل فكرة ومفهوم لها مؤيديها والمدافعين عنها بحيث تظهر وكأنها مستقلة عن المفاهيم الأخرى ولها ما يميزها.
ويؤكد عسقول أن الوسائل التعليمية اصل وكل ما استجد عليها عبارة عن تسميات ظهرت من المختصين والمفكرين إما كتطوير للاسم بناء على أسس علمية أو استحسان للاسم وفق أمزجة بعض المؤلفين والكتاب. ويميل الباحث لرأي عسقول في هذا التأكيد.
أسلوب النظم
سمي أسلوب النظم بالمنحى النظامي ومن العلماء من أطلق عليه النظم ومنهم من أسماه المدخل النظامي, وعلى أية حال فالمقصد واحد. ووجد أن هناك الكثير من أدبيات التقنيات التربوية تتعرض للمنحى النظامي إما بشكل جزئي أو بطريقة تظهر المنحى النظامي وكأنه الوجه الآخر لمفهوم التقنيات التربوية مما حدا الباحث إلى تمحيص هذا المفهوم.
فيقول (الطوبجي, مرجع سابق:35 )
"إن تكنولوجيا التعليم عبارة عن تنظيم متكامل يضم العناصر التالية: الإنسان, الآلة, الأفكار والآراء, أساليب العمل, الإدارة بحيث تعمل جميعا داخل إطار واحد.
ويقول (عسقول, مرجع سابق:4 ) لقد اكتسبت الوسيلة التعليمية في المرحلة الرابعة شكلا ومضمونا متميزا لم يسبق له مثيل, انطلاقا من توظيف أسلوب النظم في التعليم, والذي ساهم بنقل الموقف في العملية التعليمية من المستوى العشوائي التقليدي إلى المستوى المخطط المنظم, ونقصد بأسلوب النظم إتباع منهج وطريقة في العمل تسير في خطوات منظمة وتستخدم كل الإمكانات التي تقدمها التكنولوجيا لتحقيق أهداف محددة, وتشمل إمكانات التكنولوجيا الموارد البشرية والموارد التعليمية والاعتمادات المالية والوقت الكافي."
ومما سبق نجد أن الطوبجي لم يضع فيصلا بين التقنيات وأسلوب النظم في حين نجد عسقول يقدم أسلوب النظم كمنهج وطريقة تستخدم التقنيات لتحقيق الأهداف.
لقد عرف الكثير من الكتاب والباحثين أسلوب النظم ومنهم من أسهب ومنهم من أوجز ومن بين تلك التعريفات التعريف السابق الذي يقدمه عسقول حيث يقول:
"أسلوب النظم إتباع منهج وطريقة في العمل تسير في خطوات منظمة وتستخدم كل الإمكانات التي تقدمها التكنولوجيا لتحقيق أهداف محددة, وتشمل إمكانات التكنولوجيا الموارد البشرية والموارد التعليمية والاعتمادات المالية والوقت الكافي."
ويعرفها (الكلوب ,مرجع سابق : 40 ) " النظام مجموعة الأشياء المترابطة والمتكاملة بعلاقات ذات صفات موحدة ومتجانسة وتمثل أجزاءه لكونها ذات خصائص أساسية تؤلف ذلك النظام وتطرح معطيات ثابتة لإنجاح العمل من خلاله."
ويعرفها (الحيلة, مرجع سابق:72)"منحى النظم أسلوب منهجي وطريقة في تخطيط, وتنفيذ, وتقويم أي عمل أو نشاط لتحقيق أفضل مستوى من النتائج."
ويقدم (قطامي وآخرون, 1994 :158 ):
أربعة تعريفات منقولة عن عدة مصادر ويخلصون إلى أن النظام عبارة عن: (أ ) مجموعة من الأجزاء تشكل عناصر النظام (ب) مجموعة من العلاقات المتبادلة فيما بين هذه العناصر ,وهذه العلاقات هي التي تجدد سلوك النظام (ج) إطار يجمع هذه العناصر وتلك العلاقات في كيان واحد, يسمى هذا الإطار حدود النظام ,وهذه الحدود هي التي تحدد ملامح النظام وتميزه عن بيئته.
ويميل الباحث لتعريف قطامي وذلك لكونه أكثر دقة ووضوحا وتفصيلا من باقي التعريفات ويعتقد الباحث أن هذا التعريف قادرا على تلبية المتطلبات الإجرائية للدراسة.
لقد جاد القلم واعتصر العلماء الأذهان ليعبر كل منهم عن فهمه لأسلوب النظم بطريقته, ومع إجماع العلماء على شمولية أسلوب النظم فقد لوحظ أن مفهوم أسلوب النظم يتمتع بالمطاطية ويمكنه الاتساع ليشمل جميع مناحي الحياة أو يضيق ليقتصر على موقف تعليمي.وعليه يلاحظ ان العلماء كل يقدمه من منظور الموضوع الذي يقوم بدراسته
يقول (جاد, 2004 ):
إن النزعة
التقنيات التربوية
يقول (الصالح, 2003 ):
" تقنية التعليم في وجهها الشائع هي مجال بلا هوية، فلا أطر نظرية توجه ممارساته النظرية والتطبيقية، ولا حدود أكاديمية واضحة تحكم مناهجه وبرامجه لتؤدي دورها في بناء نظرية المعرفة (Epistemology) وتوليد النماذج التطبيقية. على المستوى المحلي، مثلاً، تقنية التعليم هي فرع من أقسام المناهج أو التربية تارة، أو قسم خدمات أو إدارة الأجهزة تارة أخرى، أو مركز للوسائل يقدم بعض القرارات الدراسية. باختصار (( بعضهم يعرف تقنية التعليم السلوكية، وبعضهم الآخر يؤكد على المنتجات التقنية، فيما يركز آخرون على مفهوم العملية. إن تقنية التعليم ليست معروفة في الأوساط التربوية، أو على الأقل ليست مفهومة بوضوح".
إن ما أورده صالح أعلاه ليس غريبا بل هو الواقع الذي يجده أي متصفح لأدبيات التقنيات التربوية. وان كان صالح قد خص القول بالعالم العربي والوسط المحلي(المملكة العربية السعودية ) إلا أن ذلك لا يعني اقتصار تلك الصفات على تلك الفئات فقط.
يقول (جيمس ماكنزي, 2004)( McKenzie ) (ملحق هـ)
في رد على رسالة موجهة له من الباحث عبر البريد الإلكتروني:أنا لا افقه كثيرا في المكونات الصلبة وتركيزي فقط على الأدبيات.
وكان مضمون السؤال الموجه من الباحث"ما الفرق بين التقنيات التربوية ومصادر التعلم والأدوات التعليمية والوسائل التعليمية ؟ وهل المكونات الصلبة تحتسب تقنيات تربوية؟"
ولو بحثنا في الإنترنت عن التقنيات التربوية لوجدنا عشرات الآلاف من الأبحاث والمقالات يتحدث اغلبها عن استخدام الكمبيوتر في التعليم وفي كثير من تلك المقالات يكون الحديث عن استخدام النظم في عملية التعليم.
ولعدم وضوح هوية التقنيات التربوية كثرت الاجتهادات بصددها وكثرت التعريفات المطلقة عليها وعرفها كل من وجهة نظره ومن خلال منطلقه الفكري وقليلا ما اخطأ هؤلاء الباحثين والعلماء ولكن قصورا بشريا حتميا أحاط معظم الأعمال التي اختصت بالتقنيات التربوية وما هذا القصور الا صفة عادية وطبيعية عند البشر فالكمال لله.
وفي الاجتماع الأول لقيادات التقنيات التربوية المنعقد في اوريجون, بورتلاند والذي اجتمع فيه ثمانية عشر خبيرا:
فيقول( بوني وآخرون, 1997)( Bonnie and others):
يقول(كينمان, 1997)( Kinnaman ) : أن تكنولوجيا التربية ليست ساكنة في ممارستها ولا في تعريفها؛ ولكنها متحركة فاعلة مفتوحة النهايات.وفي ذات الاجتماع:
يقول(كريسبين, 1997 )( Crispen )كنت لأعرف التقنيات التربوية وفق أهدافها, وماذا يمكنها أن تعمل. وعليه كان من الأفضل إطلاق اسم التكنولوجيا المستخدمة للتربية بدلا من تكنولوجيا التربية
تعريف التقنيات التربوية:
يفرق العلماء بين مسميات كثيرة عند تسطير ما يدور في خلدهم من لمحات فكرية بخصوص التقنيات؛ فتقول (سمنز,1997)(siemens ):
أن (جالبريث, 1967 ) Galbraith ) ) و(سكنر , 1968 )(Skinner )
و (سكنر, 1968 ) يعرفان التقنيات التربوية على أنها تطبيق النظم في المعلومات العلمية أو أي معلومات منظمة, في المواضيع العملية.
ويعدد (الكلوب, 1993 ,32 ) أربعة تعريفات لتكنولوجيا التربية وتعريفا واحدا للتقنيات التربوية, وستة عشر تعريفا لتكنولوجيا التعليم, وتعريفا واحدا للمنظومة ويخلص الكلوب إلى ان هناك ثلاثة مؤشرات للتكنولوجيا في هذا المجال:
أولا:أن تكنولوجيا التربية معنية بصناعة الإنسان, الإنسان المتعلم الواعي الفاعل و المتفاعل مع الحياة, متغيرا ومغيرا بها نحو الأفضل.
ثانيا:أن تكنولوجيا التعليم معنية بتحسين وتطوير عملية التعلم والتعليم, من خلال رفع مستوى المنهاج , وتحسين ظروف المعلم , وتحسين الطرق والأساليب , وزيادة قدرات المعلم والمتعلم على التفاعل مع العملية التعليمية.
ثالثا:أن الوسائل التعليمية التعلمية ممارسات فكرية وعملية تهدف تحسين عملية التدريس ورفع مستوى أداء المعلم وتوفير الجهد والوقت على المتعلم وزيادة قدراته على الإدراك والفهم
ويقول إن أكثر الآراء إثارة وأقربها واقعية وصف تكنولوجيا التربية والتعليم بأنها "طريقة في التفكير"
و يقول (السيد, 1997 ,19):
"أن هناك اتجاهات حديثة في تقنية التعليم ويعتبر تكنولوجيا التعليم وليدة لتقنيات التربية ويعرف تكنولوجيا التعليم :بأنها تحليل أساليب التعلم وطرقه وفنونه وتنظيمها ,بحيث ينتج عند استخدامها والانتفاع بها,بيئة تعليمية صالحة لإحداث تعلم أفضل" .
ويعود (السيد, مرجع سابق) فيعرفها مرة أخرى فيقول "هي تخطيط وتنفيذ العملية التعليمية وتوظيف كل الوسائل التعليمية وأجهزتها للحصول على تعليم أفضل أي توظيف العلم لتحسين فن التعليم".
ويقول السيد أيضا:أن التعليم المصغر والتعليم المبرمج والتعليم الذاتي وتفريد التدريس والتعليم بالآلات الحاسبة ومفهوم النظم عبارة عن مستجدات في عالم تكنولوجيا التعليم.
و يذكر (الحيلة, 1998 ,24 ):
أن هناك عدة مصطلحات حول التقنيات التربوية ويقول أن التقنيات التربوية المرادف للمصطلح الإنجليزي (تكنولوجيا التربية) عبارة عن مفهوم شامل لعدة مصطلحات هي:التقنيات في التربية وتقنيات التربية والتقنيات التعليمية .
تعرف( راي, 2002 ) (ray )
التقنيات التربوية على أنها التعليم المدعم بالكمبيوتر وهذه بدورها عبارة عن تقنية تعليم تفاعلية يستخدم فيها الحاسوب لتوفير مادة تعليمية, وأحداث التعلم , ويفرز المادة التعليمية المخصصة للتفريد.
ويقول (هنتر, 1998 )( Hunter)
قد يبدو للوهلة الأولي أن تعريف التقنيات التربوية سهلا وانه لا يزيد عن كونه التلفزيون أو السينما أو الفيديو ولكن الحقيقة أن التقنيات التربوية موضوعا مركبا وكأبسط تعريف لها"أن التقنيات التربوية عبارة عن تطبيق جميع أنواع العلوم على الجانب التربوي"
ويقول(كزرنياك وآخرون, 1999 )( Czerniak )
أن التقنيات التربوية عبارة عن استخدام اكبر كم من الأدوات التقنية في داخل الفصل لزيادة التعلم عند الطلبة.
وقد عرفت (جمعية الاتصالات التربوية والتقنيات, 1977)
( Association for educational communication and Technology)
أن التقنيات التربوية عبارة عن عملية معقدة متكاملة تتضمن الناس والطرق والأفكار والأجهزة والتنظيمات ؛ من اجل تحليل المشاكل وابتكار وتنفيذ وتقويم إدارة الحلول لتلك المشكلات التي تظهر في جميع حالات التعلم البشرية.
وتعرف (دائرة تعليم كولرادو, 2004 )( Colorado department of education) :
التقنيات التربوية عبارة عن استخدام الأدوات والنظم والبنى الأساسية لتحفيز قابلية الطلبة في تمثيل المعرفة واستخدام معلومات الاتصال في خلق المنتجات وحل المشكلات .
وفي بحث لكلية التربية بجامعة سدني الأسترالية :
يقول (ريتش وبري ,1997 )( Reich ,and Perry) :
التقنيات التربوية عبارة عن المعرفة والقيم والممارسات المتضمنة للاستخدام والتطوير لتلك الأدوات مثل قطعة الطباشير أو أرضية من الرمل أو غير ذلك مما يكون عبارة عن تقنيات في يد المتعلم.
إضافة لما سبق ارتأى البعض أن يكون مجال بحثه في تقنيات التعليم واعتبر البعض أن تقنيات التعليم مرادف للتقنيات التربوية واعتبر البعض الآخر أن تقنيات التعليم جزء والتقنيات التربوية كل كمثل ما فعل (الحيلة,مرجع سابق ).
تقول (كريستوفر ,1999 )( Christopher) :
تقنيات التعليم تعني معرفة كيف يتعلم الناس واكتشاف أفضل الطرق لتعليمهم .أنها الأشياء والأدوات والمكائن والأسلحة والأجهزة والتطبيقات .أنها تلك الأجهزة التقنية والابتكارات والفعاليات والطرق والمهارات والروتينيات والاجتماعيات والنظم التي تشمل توحيد الناس والأشياء أنها العملية التي تبدأ بالحاجة وتنتهي بالحل.
وتعرف(تشو , 2003 )( Cho) :
تكنولوجيا التعليم هي التطبيق العلمي والمنظم لاستراتيجيات وتقنيات من اجل مخرجات أفضل للعملية التعليمية التعلمية.
بالنظر لما تقدم من تناقضات وعدم وضوح التعريفات يرى الباحث أن التقنيات التربوية بحاجة لإعادة النظر والتدقيق في تعريفها ويعتقد الباحث أن منبع تلك التناقضات يعود لعدة أسباب:
السبب الأول:
أنه وبرغم أهمية التقنيات التربوية فإنها احدث الفروع التقنية زمنيا
السبب الثاني:
التقنيات التربوية علم مزدوج حيث أن التربية علم منتج للإنسان الصالح للعيش في البيئة بكل ما يمكن أن يحمل ذلك الإنسان من صفات جيدة إلا أن هذا الإنتاج غالبا ما يكون ذا علاقة جدلية مع باقي العلوم المنتجة من أمثال علوم الهندسة والطب والفيزياء والكيمياء والعلوم التطبيقية وغيرها.بمعنى أن المعلم قد يقوم بتعليم طريقة عمل السيارة برغم انه ليس هو من صممها أو أوجد طريقة عملها, وفي نفس الوقت من المؤكد أن المعلم قد قام بتعليم من قام بتصميمها .والمقصود أن التربويين عبارة عن مستخدمين للتقنيات أكثر من كونهم منتجين لها ومعرفة التربويون ترتكز بالدرجة الأولى على المنتِج لا على المنتَج.إما التقنيات فهي علم منتج للمادة وغالبا ما يكون تركيزه على المنتَج لا على المنتِج وعليه فان هناك تناقضا طبيعيا بين طبيعة التربية وطبيعة التقنيات والمزاوجة بين العلمين لا بد أن تؤخذ بكثير من الحذر والدقة, والتفسير الوحيد لتلك التناقضات في التعريف أن من يعرف هذا العلم الجديد يجب إن يحمل المعرفة بطبيعة العلمين الأساسيين علم التربية وعلم التقنيات ولكن الحاصل هو تعريف للتقنيات التربوية إما من وجهة نظر تربوية أو من وجهة نظر تقنية.
السبب الثالث:
تعدد الأسماء حيث نجد الخبراء يطلقون الأسماء في محاولة لتوضيح المعنى فنتجت أسماء مثل :التقنيات التربوية والتقنيات في التربية وتقنيات التعليم ومنحى النظم ومصادر التعلم والوسائط التعليمية ووسائل الاتصال التعليمية والوسائل التعليمية والوسائل المعينة والوسائل السمعية البصرية ووسائل وتكنولوجيا التعليم وتكنولوجيا الاتصال التربوي . وهذه الأسماء بدلا من التوضيح زادت الأمر تعقيدا وإبهاما .
السبب الرابع:
وهو اعتقاد لدى الباحث أن التقنيات التربوية يكثر فيها الجانب المادي أو ما يسمى بالمكونات الصلبة وهذه بدورها لها تكاليفها وأعباءها المادية وحيث أن موضوع التقنيات التربوية ما زال محصورا في كثير من الأحيان بين جدران الوزارات وإدارات التربية والتعليم في العالم فإن التعريف المرتبط بشدة بالمكونات الصلبة يعني تحمل تلك الوزارات والإدارات الأعباء المادية اللازمة لدعم ذلك الجانب من التربية.
وخلاصة القول أن تعريف التقنيات التربوية ليس بهذه الصعوبة ورب دراسة بسيطة لأصل المصطلح وجذوره التربوية تؤدي ببساطة لتعريف سهل وواضح لمعنى التقنيات التربوية.
نشوء مصطلح التقنيات التربوية:
لقد ظهر مصطلح التقنيات التربوية بشكل واضح بعد إنشاء الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة حيث تقول (اسروف و سكانلون, 2002)( Issroff, and Scanlon):
أن ذلك ظهر من خلال الخطاب الذي القاه(اللورد كروثر, 1969 ):
حيث قال:" إنّ العالمَ واقعُ في ثورة اتصالاتِ، وستتجاوز تأثيراتها تلك التي تسببت بهاْ الثورةِ الصناعيةِ قبل قرنين. بمقابل ذلك التقدّم العظيم الذي كَانَ باختراع المكائنِ لمُضَاعَفَة فعاليةِ عضلاتِ الرجالِ. نجد الآن التقدّم الجديد العظيم باختراع المكائنِ لمُضَاعَفَة فعاليةِ عقولِ الرجالِ. كانت الماكينة البخارية ثورة أولى، والحاسوب الآن ثورة ثانية. و قِيلَ أن إدمانَ الجامعةِ التقليديةِ على قاعةِ المحاضرات وأشير إلى عدمِ قابليته للتَعديل و للتطويرِ وهذا ظلمُ. لكن على الأقل لن يتواجد مثل هذا اللومِ عند افتتاح جامعةَ في ثورةِ الاتصالات. كُلّ شكل جديد مِنْ الاتصالات البشريةِ سَيَفْحصُ لرُؤية كَمْ هو قابل للتطبيقَ لرَفْع وتَوسيع مستوى الفَهْم الإنسانيِ. ليس هناك تقييد على التقنياتِ."
وقد كان الحاسوب في أقوال اللورد كروثر مجرد مثال على التقنيات الحديثة في ذلك الوقت.
تطور التقنيات التربوية:
لم يفتح التطور السريع للتقنيات التربوية طريقا معبدة مرصودة البداية مخططة النهاية وإنما تركها كالسفينة في مهب الريح تترنح بين أمواج البحث المتلاطمة.
وبالدراسة المستفيضة للتقنيات التربوية وتاريخها والأبحاث والمقالات المتعلقة بها يجد المتصفح لكل ذلك أن التقنيات التربوية مصطلح نبع من الجامعات وتسارعت الجامعات وكليات التربية وإعداد المعلمين إلى إنشاء مراكز التقنيات التربوية, مبهورة بما يستجد من تكنولوجيا وصناعات يمكن تسخيرها في داخل الغرف الصفية وأروقة العلم.
ويقول دكتور من (سنذكره في النسخة القادمة) جامعة ولاية كاليفورنيا عن تطور التقنيات التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية:
إن التقنيات التربوية يمكن أن يعود تصميمها لذلك الزمن الذي خط فيه الرهبان كتاباتهم لينقلوا المعرفة, وكلما كانت الثقافة اكثر تقدما كانت التقنيات التربوية اكثر تعقيدا.ومن الملاحظ أن هناك الكثير من عدم الاتفاق في النظريات في حقل التقنيات التربوية. ويضيف فد أن هناك من يرى أن تاريخ التقنيات التربوية يعود لتلك الفترة التي كان يستخدم فيها الفانوس السحري في التعليم والذي عرف في ذلك الوقت بالتعليم البصري.وبعد ذلك طور ادجاردل نموذجه لهرم الخبرات وتلاه السلوكيين بزعامة واطسن وسكنر .وبرع ثروندايك في استخدام التقنيات ويعد الأب الروحي للتقنيات التربوية.
يقول (وانج, 2001 )( Wang) من جامعة بنسلفانيا عن تطور التقنيات التربوية في الصين الشعبية
ان التقنيات التربوية هي ما تعرف أحيانا بتقنيات التعليم أو النظم التعليمية وتقنيات التعليم هي النظرية والتطبيق للتصميم والتطوير والإفادة والإدارة وتقويم العملية ومصادر التعلم.وان التقنيات التربوية في الصين بدأت مع استخدام الأفلام والفونجراف في سنين العشرينات, وقد استخدم في ذلك الوقت مصطلح (التربية المكهربة) والذي كان المقصود منه أدوات كهربائية تستخدم في العملية التربوية. ومع نهاية السبعينيات ظهر مصطلح(التربية السمعية البصرية) وهذا المصطلح بدوره استبدل (التربية المكهربة) وكانت تلك التربية لدى الناس معروفة بالتربية الحديثة أو العصرية.ومع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات بدأ تطبيق استخدام الحاسوب في التربية وأصبح مصطلح التربية السمعية البصرية مصطلح قديم أكل عليه الدهر وشرب.
لقد دخل مصطلح التقنيات التربوية إلى التربية من أوسع الأبواب ولكنه مبهما, والحقيقة انه لم يتواجد في الصين تعريفا للتقنيات التربوية حتى نهاية السبعينيات, وفقط ظهر أول تعريف لها في العام (1984) ومع بداية التسعينيات بدأ المصطلح في الصين يأخذ مكانه على أن(التقنيات التربوية تحوي بين طياتها التصميم والتطوير والتقويم لاستخدام التقنيات العصرية لتحسين التعليم والتعلم.
ومع نهاية التسعينيات والتقدم التقني في الصين أصبح هناك ما يسمى بالتعليم المدعوم بالحاسوب
و التربية بالأقمار الصناعية ( satellite education ) والذي بدا بدوره يأخذ البريق من التقنيات التربوية أو على الأقل بدأت في تغيير مفهومها.
ويقول بيرج(1992) من جامعة سيول العالمية عن تطور التقنيات في كوريا:
ان التقنيات التربوية في مرحلة النمو وقد بدأت في كوريا في العام (105 م) مع بداية ظهور الورق في الصين وتطورت بظهور الطباعة بالخشب في (706م) ومن ثم تطورت بطباعة الصور على الكتب باستخدام الطباعة بالخشب في العام (1007م) وفي
(1234م) بدأت الطباعة بالمعدن وفي (1409م ) بدأت الكتابة بالكلمات الصينية وفي (1520م) بداية الكتابة باللغة الكورية والترجمة ومع نهاية العام (1992م) كان هناك 3 مليون حاسوب شخصي في كوريا أي ما معدله 7.1 شخص لديه حاسوب من كل مائة شخص.
ويقول (مد ,2001)( Med) :
إن التقنيات التربوية تاريخيا ليست الكمبيوتر والإنترنت وإنما هي التلفزيون والمذياع وجهاز العرض فوق الراسي واللوحة البيضاء وإذا كان الاهتمام قد توجه نحو الحاسوب فإن السبب في ذلك أن للحاسوب مجالا أوسع للتخاطب والمحاورة مع الطالب.
وفي دولة قطر تذكر(وزارة التربية والتعليم القطرية, 2004 ) عن طبيعة التقنيات التربوية في الدولة وتاريخ بداية إنشاء الإدارة العامة للتقنيات التربوية فتقول:
" إيماناً من دولة قطر بأهمية التقنيات في العملية التعليمية التعلمية، قامت وزارة التربية والتعليم بإنشاء إدارة التقنيات التربوية في العام الدراسي83/1984م لتكون مركزاً حيوياً لتحديث التعليم ومواكبة التطور العلمي التكنولوجي من خلال ما تنتجه وتوفره للميدان التربوي من أجهزة وأدوات ، وتجهيز المختبرات المدرسية والإشراف عليها." وتتكون إدارة التقنيات من ثلاثة أقسام وهي : قسم الوسائل التعليمية , والمختبر المركزي ,و قسم التصوير والإنتاج الفني.
وفي دولة الكويت تذكر (وزارة التربية والتعليم الكويتية ,2004 ) :
إن الإدارة العامة للتقنيات التربوية كانت موجودة منذ العام 1958 وقدت قمت بتدريب المعلمين منذ ذلك الوقت على التقنيات التربوية وهي كما تقول الوزارة تتمثل التقنيات في الأجهزة والأدوات وتضيف ان التقنيات التربوية قد تطورت بمساهمة دولة الكويت ودعواتها لإنشاء جهاز إقليمي للتقنيات التربوية حيث أقر وزراء التربية العرب في اجتماعهم بالكويت عام1975 أنشاء "المركز العربي للتقنيات التربوية " والذي تشرف عليه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ويخدم كافة الدول العربية وتستضيفه دولة الكويت .
وفي المملكة العربية السعودية تذكر (وزارة التربية والتعليم السعودية,2003 ) عن تطور التقنيات التربوية في المملكة العربية السعودية
"أصبحت الوسائل التعليمية أساسية في التعليم، وهي مرتبطة بالمناهج ارتباطاً وثيقاً، ولذا أنشأت شئون تعليم البنات بوزارة المعارف إدارة خاصة بذلك من عام 1385هـ الموافق 1965م بمسمى (إدارة الوسائل). وتطورت إدارة الوسائل التعليمية مع تطور التعليم، وتوسعه ، وتطور المناهج والمقررات الدراسية، حتى انتهى هذا التطور إلى تعديل مسماها وأهدافها وأصبحت إدارة عامة باسم (الإدارة العامة لتقنيات التعليم).وأصبح هدف الإدارة العامة لتقينات التعليم : دراسة وتصميم وإنتاج مختلف الوسائل الإيضاحية، وتحديد المواصفات الفنية والتصاميم المناسبة للأجهزة السمعية والبصرية، والأجهزة والأدوات المخبرية، والخرائط والمصورات. والقيام بالدراسات الخاصة باستخدام تقنيات التعليم المختلفة، وإصدار الأدلة والكتيبات والنشرات الإرشادية في مجال التقنيات واستخدامها، وإنتاج عدد من الوسائل كالخرائط والمصورات والتسجيلات المختلفة."
وفي فلسطين وبعد تسلم السلطة الوطنية الفلسطينية، مهام التعليم في فلسطين عام 1994، تشكلت وزارة التربية والتعليم العالي، وفي عام 1996 تم إنشاء أول صرح من صروح التقنيات التربوية وهو مركز الوسائل التعليمية بمديرية تربية وتعليم خان يونس وقد أقيم بمبادرة الدكتور عبدا لله عبد المنعم وكيل الوزارة المساعد في ذلك الحين وكان المركز وقد كانت أولى أولويات المركز توفير الأدوات والوسائل التعليمية عن طريق الإنتاج المحلي في داخل المركز.وفي نفس العام 1996 تم افتتاح مركز آخر للوسائل التعليمية وذلك بعد نجاح المركز الأول في مديرية تعليم خان يونس ,ومع نهاية العام 1996 تم إنشاء الإدارة العامة للتقنيات التربوية وتم بناء عليها تغيير أسماء مراكز الوسائل التعليمية إلى أقسام التقنيات التربوية.وألحق بكل مديرية تربية من المديريات السبعة عشر(17) وهي مقسمة إلى 13 في محافظات شمال فلسطين(الضفة الغربية) و4 لمحافظات الجنوب(قطاع غزة) وفي العام 1997 تم افتتاح مركز ثالث لإنتاج الوسائل التعليمية وهو مركز مديرية تربية الخليل.
وفي الوقت الحالي أصبح للإدارة العامة للتقنيات في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أهدافها الواضحة وهي كما تذكر( الإدارة العامة للتقنيات, 2004 ):
تتمثل في "المساهمة في تطوير وتحسين عملية التعلم والتعليم من خلال استخدام وسائل الاتصال الحديثة وتوفير الأجهزة التعليمية وإنتاج البرامج والمواد التعليمية وتطوير استخدامها وتقديم المشورة الفنية بخصوص ذلك ووضع الميزانيات الخاصة بذلك.
وأصبحت الإدارة العامة تتكون من ثلاث دوائر، هي: - دائرة المصادر التعليمية - دائرة المكتبات والمختبرات.
- دائرة الحاسوب التربوي
تعليق على تطور التقنيات
مما سبق من نماذج تطور التقنيات التربوية في بلاد العالم إدراك بعض الملاحظات وهي كما يلي:
أن التقنيات التربوية في كل النماذج سالفة الذكر قد ابتدأت بالوسائل التعليمية
أن التقنيات التربوية في جميع النماذج سالفة الذكر قد انتهت حاليا بالحاسوب
أن عملية الانتقال من مصطلح الوسائل التعليمية إلى التقنيات التربوية تمت في جميع النماذج بطريقة مبهمة وغير واضحة رغم وجود السرد التاريخي لذلك الانتقال.
هدفت جميع الدول سابقة الذكر بإنشائها لإدارات التقنيات التربوية إلى إيجاد سبيل لربط التربية والتعليم بما استجد من متغيرات وتطور في التقنيات
لا يوجد فروق كبيرة بين النماذج رغم وجود الفروق الفكرية والعرقية والزمانية والمكانية والاقتصادية بين الدول المذكورة.
وعليه يمكن الاستنتاج أن الوسائل التعليمية لم تندثر من الساحة التربوية وإنما كانت بمثابة الأم التي تمخضت لتلد التقنيات التربوية ولكن للتقنيات التربوية لفتت الأنظار نحوها على حساب الوسائل التعليمية ونجد انه منذ الستينيات تحاول القيادات التربوية- في سياق كتابة الأدب التربوي- إيجاد تعريف للتقنيات التربوية بعيدا عن الوسائل التعليمية وإن ظهر مصطلح الوسائل التعليمية في إحداها نجده يظهر خجولا متواريا خلف مصطلح آخر كالاتصال والنظم والتقنيات.
الأدب التربوي ما بين الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية:
كما ظهر واضحا في الأبحاث والمقالات السابقة فإن هناك خلطا واضحا وصورة مشوشة عند الحديث عن التقنيات التربوية والوسائل التعليمية ويتضح أن هناك غموضا ما يسبب ذلك الخلط والصورة المشوشة.
وربما تتضح الصورة أكثر باستعراض تاريخي لبعض الأدبيات التي وقعت عليها يد الباحث والتي تتحدث عن التقنيات التربوية والوسائل التعليمية.
يقول (كاظم وزكي, 1973 :293 )
" يستخدم في تدريس العلوم وسائل وأساليب متعددة ومتنوعة ومن هذه الوسائل ما نشير إليها باسم الوسائل السمعية والبصرية. وتشمل هذه الوسائل مجموعة من المواد والأدوات التي لا تعتمد على استخدام الألفاظ وحدها.وإنما تعتمد على استخدام الخبرات الحسية المباشرة وغير المباشرة والتي تعتمد على استخدام الحواس المختلفة من بصر وسمع ولمس وشم وذوق.
ويقول (عبد الدائم, 1981 :7 ) :
" إن الثورة التكنولوجية تنقل الإنسان من مرحلة الإنتاج للمرحلة السابقة على الإنتاج وهي البحث والخلق والتنظيم, وهي ليست مجرد آلات وأجهزة تكنولوجية ننقلها وإنما هي عقلية جديدة وتقنيات جديدة.وقد أدركت الدول المتقدمة أن التربية عندها ما تزال متخلفة عن ركب التطور وأنها تعيش في أجواء الثورة الصناعية الأولي ومن هنا جهدت لتوليد نظم تربوية جديدة ولإحداث ثورة تكنولوجية في التربية تتفق وأغراض الثورة العلمية والتكنولوجية عامة. وقد قادها ذلك إلى أن تعيد النظر إعادة جذرية في بنية التربية وإطارها التقليدي ومناهجها وطرائقها وإدارتها لا سيما بعد انتشار وسائل البث الجماعية والتقنيات السمعية البصرية ومع ذلك لا تزال التربية مثقلة بإرثها التقليدي عاجزة عن مجاراة الركب."
ويقول( الطوبجي ,1981 :23 )
قدمت وسائل الاتصال المختلفة إمكانيات عظيمة في مجالات التربية. وقد دخلت هذه الوسائل المختلفة في مجالات التربية والتعليم تحت أسماء كثيرة فعرفت أول الأمر باسم الوسائل المعينة, أو معينات التدريس, أو الوسائل السمعية والبصرية واستعان بها المدرسون في تدريسهم بدرجات متفاوتة.
ويضيف الطوبجي "أن الوسائل التعليمية ما زالت رغم التقدم العلمي والتكنولوجي في وسائل الاتصال التعليمي لا تنال الاهتمام اللازم من رجال التربية, فهي ما زالت – في الحقيقة – تأتي في المركز التالي لأساليب التدريس التقليدية كالإلقاء والشرح اللفظي.وبعد ذلك جاءت مرحلة وسائل الاتصال واصبح هناك عملية اتصال والوسائل التعليمية جزءا متكاملا مع عناصر عملية الاتصال وكان لظهور وانتشار وسائل الاتصال الجماهيرية كالإذاعة والتلفزيون اثر كبير في اتساع مجال الاتصال. ولا تكمن أهمية الوسائل التعليمية في الوسائل بحد ذاتها ولكن فيما تحققه من أهداف سلوكية محددة ضمن نظام متكامل يضعه المدرس لتحقيق أهداف الدرس يأخذ بعين الاعتبار معايير اختيار الوسيلة التعليمية أو إنتاجها وطرق استخدامها ومواصفات المكان الذي ستستخدم فيه ونواتج البحوث العلمية وغير ذلك من العوامل التي تؤثر في تحقيق أهداف الدرس أو بمعنى آخر يقوم المدرس باتباع أسلوب الأنظمة فتكون الوسائل التعليمية عنصرا من عناصر نظام شامل لتحقيق أهداف الدرس وحل المشكلات وهذا ما يحققه مفهوم "تكنولوجيا التعليم "
يقول (احمد, ويس ,1983 :179 )
"يتوقف جودة التدريس وفاعلية التعلم على عوامل كثيرة منها الوسائل التعليمية التي يستخدمها كل من المدرس والتلميذ. وقديما كانت المدرسة تعتمد اعتمادا كبيرا على الألفاظ والكلمات وكان الكتاب المدرسي في الكثير من الحالات يعتبر الأداة الرئيسية في عمليتي التعليم والتعلم أما الآن فانه يوجد عددا كبيرا من الوسائل التعليمية التي يمكن استخدامها للأغراض التعليمية المختلفة.
والوسائل التعليمية تعرف بأنها مجموعة من المواد والأدوات التي يستخدمها كل من المدرس والتلاميذ لتحقيق الأهداف التعليمية.
ويقول(حمدان, 1986:20):
إن المربين قد اختلفوا في تسمياتهم للوسائل المستخدمة في التعليم, وقد نبع هذا الاختلاف من مبدأين:
أولا:طبيعتها المتنوعة
ثانيا:دورها المقترح في العملية التربوية
ويقول حمدان أنها سميت الوسائل السمعية البصرية, والمعينات التربوية, ووسائل الإيضاح, وتكنولوجيا التعليم أو التدريس, والوسائل الاختيارية (الإغنائية) والوسائل المعيارية والوسيطة, ووسائل وتكنولوجيا التعليم.
يقول ( منصور, 1986 :35 ):
" نظرا للتقدم التكنولوجي الذي شمل المجال التربوي سواء في المواد التعليمية أو التخصصات التفريعية لها, وطرق وأساليب تدريسها, والهدف العام من العملية التربوية, فقد مرت الوسائل التعليمية بتسميات مختلفة إلى أن أصبحت علما له مدلوله وتفريعاته وأهدافه وهو تكنولوجيا التعليم, تقسم التسميات إلي أربع مراحل وهي:
المرحلة الأولى وفقا للحواس:الوسائل السمعية والوسائل البصرية والوسائل السمعية البصرية
المرحلة الثانية: اعتبارها معينات التدريس يستعان بها وليست أساسية
المرحلة الثالثة:وسائل اتصال مرسل ومستقبل والوسيلة أداة اتصال
المرحلة الرابعة التقنيات التربوية وفق أسلوب النظم"
و يقول( نظام ,1987 : 185 )
أن اجتماعا لليونسكو نظم لخبراء التقنيات التربوية في العالم سنة 1972 وقد كان من ابرز ما تم التأكيد عليه أن مفهوم كلمة تقنيات ليس آلات و معدات وإنما المقصود بالتقنيات التربوية أن هناك ورشة إنسانية تدعى التربية. الوسائل القديمة كاللوح الأسود والطبشورة عبارة عن تقنيات ولكن ما يميز التقنيات التربوية حديثا عن التقنيات التربوية قديما ليس استخدام التلفزيون والفيديو والحاسوب بل الاعتراف بأن الغاية النهائية هي تعلم التلميذ. والوسائل والمناهج البرمجة المستعملة في التعليم هي جزء من التقنيات التربوية ومن الخطأ الاعتقاد أن آلات التعلم هي كل ما التقنيات التربوية.
ويقول (الكلوب, مرجع سابق ) :
"قبل الأخذ بمفهوم تقنيات التعليم مرت الوسائل بتسميات متعدد ارتبطت بتطور نظريات التعليم المختلفة وبطرق وأساليب التدريس المتبعة على مر العصور"
ويقول إن هذه المراحل بدأت برغبة المدرس في تحسين عملية التعليم والتعلم وقد كان الاستخدام عشوائيا ارتجاليا بوسائل بدائية وتطورت التسميات فكانت كما يلي:
وسائل سمعية بصرية:ارتبطت بالحواس
وسائل معينة:ارتبطت باجتهادات المدارس الخاصة
وسائل تعليمية تعلمية: ارتبطت بالموقف التعليمي وطرق وأساليب التدريس
وسائل الاتصال التعليمية:ارتبطت بنظرية الاتصال وأدواتها
التقنيات التعليمية:ارتبطت بنظرية النظم وتصميم عملية التعلم
ويضيف الكلوب أن مسمى التقنيات التربوية هو احدث ما توصل أليه علماء التربية في هذا العصر حيث انتقل الاهتمام من الوسائل التعليمية كأجهزة ومواد للاهتمام بجوهر العملية التعليمية وما يجب أن تحققه من أهداف سلوكية في ظل نظام متكامل مرتبط بأسس علم النفس التربوي وبمصادر التعلم مع التركيز على ميول المتعلم ودوافعه واتجاهاته.
ويقول (السيد ,1997 : 19 ):
"حتى نحصل على المعلم الذي ننشد لا بد أن ننير عقله على كل ما استجد في علم التربية وتقنياتها (تكنولوجيا التعليم ), ولقد عرفت تكنولوجيا التعليم على أنها تحليل أساليب التعلم وطرقه وفنونه وتنظيمها ,بحيث ينتج عند استخدامها والانتفاع بها بيئة تعليمية صالحة لأحداث تعلم أفضل .
ويتجاوز مصطلح تكنولوجيا التعليم الوسائل والأجهزة والبرامج التعليمية ومختبرات اللغة وغيرها . ليشمل تخطيط العملية التعليمية وتوظيف كل الوسائل التعليمية وأجهزتها للحصول على تعليم أفضل أي توظيف العلم لتحسين فن التعليم. ويقول (السيد) أن تكنولوجيا التعليم علم ولكل علم جديد ومن الجديد في تكنولوجيا التعليم :التعليم المصغر, والتعليم المبرمج , والتعليم الذاتي , وتفريد التدريس , والتعليم بالآلات الحاسبة , ومنهج النظم.
ويضيف(السيد:23 ) "طالما أن هذا الكتاب متخصص في الوسائل التعليمية وتقنية التعليم.وليس لتحليل النظم التربوية . فمن غير الضروري تفصيل مدخل النظم كأسلوب تعليمي.بمقدار تقديمه كطريقة مقترحة لإعداد درس في الوسائل وفقا لمفهوم النظم "
ويقول (محمود , 1998 :8 )
لقد عالجت أدبيات التربية والتعليم , موضوع الوسائل التعليمية تحت عناوين ومسميات عديدة منها:
1. الوسائل المعينة
2. وسائل الإيضاح
3. الوسائل التعليمية
4. معينات التدريس
5. الوسائل السمعية البصرية
6. التقنيات التربوية
7. تكنولوجيا التعليم
8. الوسائل الاختبارية (الإغنائية ) الأساسية
9. الوسائل المعيارية والوسيطة
ومهما تعددت وتباينت المسميات فان ما يقصد بالوسائل التعليمية هو أنها مجموعة الأجهزة والأدوات والمواد التي يستخدمها المدرس لتحسين عملية التعليم والتعلم وتقصير مدتها وتوضيح المعاني أو شرح الأفكار أو تدريب التلاميذ على المهارات أو تعويدهم على العادات أو تنمية الاتجاهات أو غرس القيم فيهم دون أن يعتمد المدرس أساسا على الألفاظ والرموز والأرقام.
يذكر (الحيلة, مرجع سابق:29 -35 )
إن جذور التقنيات التربوية تعود إلى عصور القدماء وخصوصا للسفسطائيين الذين حللوا طرق التدريس وصاغوا الفرضيات الناتجة عن التحليل كما يفعل الباحثون اليوم وهم تاريخيا أسلاف التقنيات التربوية ومرت التقنيات التربوية بمراحل بدأت في العشرينات من القرن العشرين وهذه المراحل هي:
حركة التعليم البصري
وحركة التعليم السمعي – بصري
وحركة الاتصالات
والمفاهيم المبكرة للنظم
ويضيف (الحيلة, مرجع سابق:57)
إن النظرة إلي الوسائل التعليمية بأنها الأدوات المستخدمة داخل الفصل هي نظرة قاصرة لا تناسب روح العصر. والتصور القاصر لمفهوم التقنيات جعلها تدور في دائرة ضيقة.
"وأهمية الوسائل التعليمية لا تكمن في الوسائل في حد ذاتها ولكن فيما تحققه هذه الوسائل من أهداف سلوكية محددة ضمن أسلوب متكامل يضعه المعلم أو المدرب لتحقيق أهداف الدرس النظري أو الحصة المختبرية ويأخذ بعين الاعتبار معايير اختيار الوسيلة وإنتاجها وطرق استخدامها وتوظيفها ومواصفات المكان الذي تستخدم فيه ونتائج البحوث العلمية حولها وغير ذلك من العوامل التي تؤثر في تحقيق أهداف الدرس النظري أو العملي وهذا ما يحققه مفهوم التقنيات التعليمية."
ويقول (الحيلة, 1999: 17 –18 ):
"إن التقنيات التعليمية تطوير واستخدام الأنظمة والأساليب والوسائل التعليمية من اجل تحسين عملية التعلم والتعليم البشري ويشير هذا المفهوم إلى التفاعل البناء بين الوسائل الجديدة والعناصر الأخرى في النظرية التربوية بعامة وتقنيات التعليم بخاصة في وقتنا الحاضر, تعتمد إلى حد كبير على الوسائل التعليمية الحديثة ونظريات التعلم وأساليب الاتصال الحديثة ووسائلها وهذا الأمر لا يتم بطبيعة الحال باستخدام المعدلات والأساليب الجديدة فحسب بل عن طريق بناء التنسيق وإجرائه فيما بينها لخدمة أنماط وأنظمة التعليم الجديدة.
ونستخلص مما سبق أن هناك إشارات قليلة نسبيا إلى الأجهزة والمعدات وما يرافق ذلك من جوانب تتعلق بالمعلومات والبرامج."
يقول (عسقول, 2003: 1 )76 " ظهرت تسميات كثيرة للوسائل, منها ما ارتبط بنظرة علمية ومنها ما استمزجه المتخصصون والمؤلفون في هذا المجال, ومن هذه التسميات: الوسائل السمعية والبصرية, ووسائل الإيضاح, والوسائط التعليمية, والوسائل التعليمية, والمعينات في التدريس, ووسائل الاتصال, وتكنولوجيا التعليم, وتقنيات التعليم, وتكنولوجيا التربية.
تعليق على الأدب التربوي بين الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية:
إن الدارس لما سطر الباحثون والمؤلفون أعلاه يمكنه تمييز الكثير من المفارقات والملابسات وبدراسة كل مما سبق بنوع من الاستقلالية يمكن ملاحظة ما يلي:
يقول كاظم وزكي:أن هناك وسائل تستخدم في التعليم ثم عرفا الوسائل بالوسائل السمعية والبصرية؛ ولا ضير في تبني اسم ما للوسائل التعليمية ولكن بعد إطلاق هذا الاسم نجد الكاتبين يذكران أن هذه الوسائل المقتصرة على السمع والبصر سوف " تعتمد على استخدام الخبرات الحسية المباشرة وغير المباشرة والتي تعتمد على استخدام الحواس المختلفة من بصر وسمع ولمس وشم وذوق. وبهذا نجد أن الكاتبين كانا غير موفقين في تبني اسم الوسائل السمعية والبصرية وربما كان اسم الوسائل التعليمية اكثر تعبيرا في تلك الحالة. وأغلب الظن أن هذا الاسم كان شائعا في تلك الفترة من الزمن والتي كتب في الكاتبان كتابهما حيث كانت صرعة التلفزيون والسينما وأجهزة العرض والتسجيلات الصوتية.
ويقوم (عبد الدائم) بوصف دقيق للتقنيات وماهيتها ويذكرها باسم (التكنولوجيا) ويصف تاريخيا كيفية تأثر التربية بما استجد حولها من علوم إلا انه يعزو معظم الأهمية لانتشار وسائل البث الجماعية والتقنيات السمعية البصرية وكأن تلك الأشياء فاقت في أهميتها ما استجد على الساحة العالمية من تقنيات الطيران والقوة النووية وعلوم الليزر وعلوم الفضاء وغيرها من مستجدات القرن العشرين.ولم يوضح عبد الدائم إن كانت وسائل البث الجماعية وغيرها مما ذكر تقنيات تربوية أم وسائل تعليمية أم أي اسم آخر وتركها مجرد أدوات دون إلصاقها بأي مسمى مما درج عليه التربويون في موضوع التقنيات والوسائل التعليمية.
أما (الطوبجي) فيبدو واضحا تبنيه لفكرة وسائل الاتصال التعليمية ودفاعه عن الاسم إلا أن المدقق في أقوال الأستاذ الطوبجي يجد مصطلح وسائل الاتصال التعليمية ملازم لمصطلح الوسائل التعليمية, يلاحظ أن المصطلحين يقدمان ككلمات مترادفة لنفس المعنى تارة, ويقدمان على إنهما متغيران أحدهما مستقل والآخر تابع تارة أخرى, ويقدما على أن أحدهما جزء والآخر كل مرة ثالثة.
ولا يمكن الجزم بأن تعريف الوسائل التعليمية ووسائل الاتصال التعليمية كان واضحا لدى الأستاذ (الطوبجي) أو انه أظهر فروقا دقيقة بين المقصود بالوسائل التعليمية والمقصود بوسائل الاتصال التعليمية.
ويتضح أن (احمد ويس) قد استخدما مصطلح الوسائل التعليمية دون أدنى ذكر لأي اسم آخر ولم يتعرضا للأسماء الموجودة في الفترة التي خطا فيها كتابهما مثل(وسائل الاتصال والتقنيات والنظم ) ويمكن ويتضح أيضا أن مفهوم الوسائل التعليمية لديهما لا يزيد عن كونها أدوات ولم يتعرضا لطريقة التدريس المطلوبة لاستخدامها أو دور المعلم في استخدامها أو العناصر البشرية التي تقوم بإعدادها وتصميمها.بمعنى آخر إن الوسائل التعليمية قد تم تحجيمها وقوقعتها لتقع بين أقواس الأدوات.
ويرى الباحث أن منصور كان موفقا في شرح ظهور مصطلح التقنيات التربوية والانسلاخات
التطورية التي مرت بمصطلح الوسائل التعليمية حتى الوصول للتقنيات التربوية حيث ذكر (منصور) أن الوسائل التعليمية علما كان بسيطا وتطور بخطى حثيثة بسبب الثورة التكنولوجية.
وقد وفق (نظام) في سرد ما أسفر عنه اجتماع خبراء التقنيات إلا أن قوله- بان التقنيات التربوية حديثا تختلف عن التقنيات التربوية قديما بأن هدفها النهائي هو تعلم التلميذ – يشوبه الشك حيث يلمح (نظام) أن للتقنيات التربوية أهدافا غير تعليم التلاميذ في قديم الزمان. ويعتقد الباحث أن من أوجد التقنيات التربوية حديثا أو قديما هو شخص حريص على تعلم التلاميذ ولم يقم باستخدامها من باب الرفاهية والترف.
أما (الكلوب) فإنه يسرد التطور التاريخي للوسائل التعليمية حتى انتقالها لاسم التقنيات التربوية وذلك بطريقة يتفق فيها مع (نظام)إلا أنه يضيف أن مراحل التطور بدأت برغبة المدرس في تحسين عملية التعليم والتعلم ولا يعزو ذلك للتقنيات في العصر الحديث فقط كما أسلف (نظام)
وبالنسبة لما ذكر الكلوب من عشوائية استخدام الوسائل التعليمية وارتجالية ذلك الاستخدام فإن الباحث يعتقد أن هناك قسوة في ذلك الحكم والاعتقاد أن دخول الوسيلة التعليمية لغرفة الفصل لا يمكن إلا أن يكون مدروسا فهي مهما بعدت أو قربت تمثل جزءا من المنهاج الدراسي.
أما السيد فيذكر أن التربية وتقنياتها هي (تكنولوجيا التعليم ) بمعنى أن التربية والتعليم كلمتان لهما نفس الدلالة اللفظية, ويعتقد الباحث أن تكنولوجيا التعليم مصطلح لا يساوي التقنيات التربوية فالتربية اشمل من التعليم. وفي نفس الوقت الذي يعرف فيه السيد تكنولوجيا التعليم على أنها تحليل أساليب التعلم وطرقه وفنونه وتنظيمها ,بحيث ينتج عند استخدامها والانتفاع بها بيئة تعليمية صالحة لأحداث تعلم أفضل . حيث يكون في هذا التعريف ابعد ما يكون عن ذكر الوسائل التعليمية والأدوات؛ يعود السيد ويجعل الوسائل التعليمية والأدوات ذلك الأصل القاصر أمام التطور والذي تعطيه تكنولوجيا التعليم الامتداد والسعة ليشمل تخطيط العملية التعليمية وتوظيف كل الوسائل التعليمية وأجهزتها للحصول على تعليم افضل أي توظيف العلم لتحسين فن التعليم. ويقول (السيد) أن تكنولوجيا التعليم علم ولكل علم جديد ومن الجديد في تكنولوجيا التعليم:التعليم المصغر, والتعليم المبرمج, والتعليم الذاتي, وتفريد التدريس, والتعليم بالآلات الحاسبة, ومنهج النظم. ويعود فيقرن الوسائل التعليمية بالتقنيات التربوية ثم يبتعد باسم التقنيات عن منهج النظم وتحليل النظم الذي ذكره في البداية مما يحدو للشك في مدى دقة التعريفات, بالإضافة لعدم ذكر السيد لسبب ربط المستجدات من أمثال (التعليم المصغر وغيره) بتكنولوجيا التعليم مع العلم انه يعرفها على أنها أساليب تدريس.
ويعدد محمود الأسماء التي أطلقت على الوسائل التعليمية ويذكر أن التقنيات التربوية لا تزيد عن كونها مرادف للوسائل التعليمية وإن كان الباحث يجد بعض الصحة في أقوال محمود إلا انه يخالفه في التعريف المحدود الذي أطلقه على الوسائل التعليمية حيث قصر الوسائل التعليمية على الأدوات والأجهزة في حين يجب الاعتراف بأن تلك الأدوات والأجهزة داخل منظومة من المعلومات والموارد البشرية والمخططات والطرق والأساليب ولا يمكن أن تكون قائمة بذاتها.
ويعترض الحيلة على التعريف الذي يحدد الوسائل التعليمية بالأدوات والأجهزة, وبعد ذلك يتوقف عن الحديث عن الوسائل التعليمية وينتقل لمصطلح آخر فيقول ". والتصور القاصر لمفهوم التقنيات جعلها تدور في دائرة ضيقة " وبهذا جعل التقنيات التربوية مرادفا للوسائل التعليمية ولا يبدو واضحا في كتابات الحيلة انه يقصد ذلك بالفعل. ثم يعود الحيلة مرة ثانية للوسائل باعتباره يتحدث عنها ويعرفها ضمن مفهوم النظم وان أهمية الوسائل التعليمية تكمن فيما تحققه من أهداف سلوكية محددة ضمن أسلوب متكامل يضعه المعلم أو المدرب لتحقيق أهداف الدرس النظري أو الحصة المختبرية ويأخذ بعين الاعتبار معايير اختيار الوسيلة وإنتاجها وطرق استخدامها وتوظيفها ومواصفات المكان الذي تستخدم فيه ونتائج البحوث العلمية حولها وغير ذلك من العوامل التي تؤثر في تحقيق أهداف الدرس النظري أو العملي. ويعود الحيلة مرة أخرى فيقول " وهذا ما يحققه مفهوم التقنيات التعليمية " وعليه يصبح القارئ مشتتا فيما يرغب الحيلة في توصيله من مفاهيم؛ ولا يمكن التحقق مما يقصده الكاتب من استخدام مصطلحي (الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية )في آن واحد.
ويعود الحيلة في كتاب آخر فيخلط مفهوم التقنيات بالوسائل التعليمية والأجهزة والأدوات والنظم والأهداف بنظرية الاتصال؛ إلا انه في نهاية حديثة يفكك تلك الخلطة بحيث لا يستطيع الدارس للمقولة أعلاه الفصل أو الوصل بين المفاهيم. وربما للدكتور الحيلة عذره وذلك لان كل تلك المصطلحات والمفاهيم تتشابه وربما كان لها نفس المعنى إلا أن كل فكرة ومفهوم لها مؤيديها والمدافعين عنها بحيث تظهر وكأنها مستقلة عن المفاهيم الأخرى ولها ما يميزها.
ويؤكد عسقول أن الوسائل التعليمية اصل وكل ما استجد عليها عبارة عن تسميات ظهرت من المختصين والمفكرين إما كتطوير للاسم بناء على أسس علمية أو استحسان للاسم وفق أمزجة بعض المؤلفين والكتاب. ويميل الباحث لرأي عسقول في هذا التأكيد.
أسلوب النظم
سمي أسلوب النظم بالمنحى النظامي ومن العلماء من أطلق عليه النظم ومنهم من أسماه المدخل النظامي, وعلى أية حال فالمقصد واحد. ووجد أن هناك الكثير من أدبيات التقنيات التربوية تتعرض للمنحى النظامي إما بشكل جزئي أو بطريقة تظهر المنحى النظامي وكأنه الوجه الآخر لمفهوم التقنيات التربوية مما حدا الباحث إلى تمحيص هذا المفهوم.
فيقول (الطوبجي, مرجع سابق:35 )
"إن تكنولوجيا التعليم عبارة عن تنظيم متكامل يضم العناصر التالية: الإنسان, الآلة, الأفكار والآراء, أساليب العمل, الإدارة بحيث تعمل جميعا داخل إطار واحد.
ويقول (عسقول, مرجع سابق:4 ) لقد اكتسبت الوسيلة التعليمية في المرحلة الرابعة شكلا ومضمونا متميزا لم يسبق له مثيل, انطلاقا من توظيف أسلوب النظم في التعليم, والذي ساهم بنقل الموقف في العملية التعليمية من المستوى العشوائي التقليدي إلى المستوى المخطط المنظم, ونقصد بأسلوب النظم إتباع منهج وطريقة في العمل تسير في خطوات منظمة وتستخدم كل الإمكانات التي تقدمها التكنولوجيا لتحقيق أهداف محددة, وتشمل إمكانات التكنولوجيا الموارد البشرية والموارد التعليمية والاعتمادات المالية والوقت الكافي."
ومما سبق نجد أن الطوبجي لم يضع فيصلا بين التقنيات وأسلوب النظم في حين نجد عسقول يقدم أسلوب النظم كمنهج وطريقة تستخدم التقنيات لتحقيق الأهداف.
لقد عرف الكثير من الكتاب والباحثين أسلوب النظم ومنهم من أسهب ومنهم من أوجز ومن بين تلك التعريفات التعريف السابق الذي يقدمه عسقول حيث يقول:
"أسلوب النظم إتباع منهج وطريقة في العمل تسير في خطوات منظمة وتستخدم كل الإمكانات التي تقدمها التكنولوجيا لتحقيق أهداف محددة, وتشمل إمكانات التكنولوجيا الموارد البشرية والموارد التعليمية والاعتمادات المالية والوقت الكافي."
ويعرفها (الكلوب ,مرجع سابق : 40 ) " النظام مجموعة الأشياء المترابطة والمتكاملة بعلاقات ذات صفات موحدة ومتجانسة وتمثل أجزاءه لكونها ذات خصائص أساسية تؤلف ذلك النظام وتطرح معطيات ثابتة لإنجاح العمل من خلاله."
ويعرفها (الحيلة, مرجع سابق:72)"منحى النظم أسلوب منهجي وطريقة في تخطيط, وتنفيذ, وتقويم أي عمل أو نشاط لتحقيق أفضل مستوى من النتائج."
ويقدم (قطامي وآخرون, 1994 :158 ):
أربعة تعريفات منقولة عن عدة مصادر ويخلصون إلى أن النظام عبارة عن: (أ ) مجموعة من الأجزاء تشكل عناصر النظام (ب) مجموعة من العلاقات المتبادلة فيما بين هذه العناصر ,وهذه العلاقات هي التي تجدد سلوك النظام (ج) إطار يجمع هذه العناصر وتلك العلاقات في كيان واحد, يسمى هذا الإطار حدود النظام ,وهذه الحدود هي التي تحدد ملامح النظام وتميزه عن بيئته.
ويميل الباحث لتعريف قطامي وذلك لكونه أكثر دقة ووضوحا وتفصيلا من باقي التعريفات ويعتقد الباحث أن هذا التعريف قادرا على تلبية المتطلبات الإجرائية للدراسة.
لقد جاد القلم واعتصر العلماء الأذهان ليعبر كل منهم عن فهمه لأسلوب النظم بطريقته, ومع إجماع العلماء على شمولية أسلوب النظم فقد لوحظ أن مفهوم أسلوب النظم يتمتع بالمطاطية ويمكنه الاتساع ليشمل جميع مناحي الحياة أو يضيق ليقتصر على موقف تعليمي.وعليه يلاحظ ان العلماء كل يقدمه من منظور الموضوع الذي يقوم بدراسته
يقول (جاد, 2004 ):
إن النزعة